للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع

في موقف أئمة الفقه من الأخذ بسد الذرائع

مع شواهد وتطبيقات

يقسم الفقهاء الذرائع من جهة موقف الأئمة من الأخذ بها أو عدم الأخذ بها إلى ثلاثة أقسام: (١) .

١- قسم أجمعت الأمة على سده ومنعه كحفر الآبار في طريق المسلمين فإنه وسيلة إلى هلاكهم فيها، وإلقاء السم في أطعمتهم فإنه وسيلة إلى إهلاكهم أيضًا.

وهذا القسم يسميه الشاطبي ما أدى إلى المفسدة قطعًا في العادة، ويدخل عند ابن القيم في المباح الذي تكون مفسدته أرجح من مصلحته.

٢- قسم أجمعت الأمة على عدم منعه وأنه ذريعة لا تسد ووسيلة لا تحسم كالمنع من العنب خشية الخمر، وكالمجاورة في البيوت خشية الزنى وعدم منع هذا القسم لندور أو توهم المفسدة فيه فضلًا عن وجود مصلحة محققة فيه.

ويدخل هذا القسم عند ابن القيم فيما تكون مصلحته أرجح من مفسدته وهو القسم الرابع عنده، ويدخل عند الشاطبي فيما يؤدي إلى المفسدة نادرًا لا كثيرًا ولا غالبًا.

٣- قسم اختلف فيه العلماء وهو ما سماه الشاطبي ما أدى إلى المفسدة كثيرًا وقد رأيناه عند تناولنا لتقسيم الشاطبي إحالته لهذا القسم إلى وجهين: ما يكون غالبًا في كثرته بحيث يغلب على الظن أداؤه إلى المفسدة كبيع السلاح وقت الحرب وبيع العنب للخمار وهو ـ كما أسلفنا أيضًا ـ يمنع هذا النوع ويسده، وإن كان يرى أنه دون القطعي كما يشير إلى وقوع الخلاف فيه، والوجه الثاني ما يكون أداؤه إلى المفسدة كثيرًا لا غالبًا كبيوع الآجال وهو يقرر عند عرضه لهذا النوع أنه موضع نظر والتباس (٢) .

أما ابن القيم فيدخل هذا القسم عنده في القسم الثاني، وهو الذريعة الموضوعة للمباح وقصد بها التوصل إلى المفسدة ويمنع عنده هذا القسم سدًا للذريعة كما سلف توضحيه.


(١) راجع الفروق للقرافي ٢: ٣٢ وحاشية الصاوي بهامش الشرح الصغير ٤: ١٥٢، طبعة الحلبي، وإرشاد الفحول للشوكاني: ٢١٧، ٢١٨
(٢) الموافقات ٢: ٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>