للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل النزاع:

في ضوء ما سلف بيانه فإن محل النزاع بين العلماء في سد الذرائع هو المباح الذي يكون أداؤه إلى المفسدة كثيرًا بوجهيه السالفين اللذين أوردهما الشاطبي؛ لأن هذا النوع لا يؤدي إلى المفسدة قطعًا فيمنع ولا نادرًا فيباح (١) .

وفيما وراء ذلك فإنه أئمة الفقه الأربعة متفقون على الأخذ بمبدأ سد الذرائع في الجملة، وفي هذا يقول القرافي: (وليس سد الذرائع من خواص مذهب مالك كما يتوهمه كثير من المالكية، بل الذرائع ثلاثة أقسام، ثم يعدد الأقسام الثلاثة التي سلف عرضها وصورها الفقهية ثم يعقب على المسائل التي هي محل اختلاف: (فنحن قلنا بسد هذه الذرائع ولم يقل بها الشافعي فليس سد الذرائع خاصًا بمالك ـ رحمه الله ـ بل قال بها أكثر من غيره وأصل سدها مجمع عليه (٢) .

وفيها يقول القرطبي: (سد الذرائع ذهب إليه مالك وأصحابه، وخالفه أكثر الناس تأصيلًا وعملوا عليه في أكثر فروعهم تفصيلًا ثم يقول: اعلم أن ما يفضي إلى الوقوع في المحظور إما أن يفضي إلى الوقوع قطعًا أو لا يفضي، الأول ليس من هذا الباب بل من باب ما لا خلاص من الحرام إلا باجتنابه ففعله حرام من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (والذي لا يلزم ـ أي إفضاؤه إلى المحظور قطعًا ـ إما أن يفضي إليه غالبًا أو ينفك عنه أو يتساوى الأمران وهو المسمى بالذرائع عندنا فالأول: لا بد من مراعاته، والثاني والثالث اختلف الأصحاب فيه، فمنهم من يراعيه وربما يسميه التهمة البعيدة والذرائع الضعيفة (٣) .


(١) الموافقات ٢: ٢٦٦
(٢) الفروق ٢: ٣٢
(٣) إرشاد الفحول لشوكاني: ٢١٧ وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي ٢: ٨٩٣

<<  <  ج: ص:  >  >>