للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابن تيمية جعله قاعدة في فتاواه (١) . وأصلًا في موضع منها (٢) . والعلامة الشاطبي قرره في الموافقات أصلًا من الأصول القطعية في الشرع (٣) .

ويقول في موضع آخر: وقاعدة الذرائع أيضًا مبنية على سبق القصد إلى الممنوع (٤) .

وعده أبو زهرة أصلًا مرة (٥) . ويسميه مبدأ أخرى وثالثة قاعدة (٦) . كذلك نرى مصطفى الزرقاء سماه مبدأ مرة وأصلًا أخرى (٧) .

والحق في ذلك أن سد الذرائع قاعدة من القواعد الأصولية، لا أصلًا من أصول الفقه الإسلامي كما رجحها الدكتور محمد هاشم البرهاني بعد استعراض سد الذرائع باعتبار أسمائه مفصلًا في الأخير بقوله:

الحقيقة الثالثة: إن سد الذرائع كقاعدة: هو أقرب الأشياء إلى حقيقته وإنها تدخل في سلك القواعد الأصولية دون الفقهية فهو من مباحث علم الأصول لا من مباحث الفقه (٨) .

وعمل الصحابة وتلامذتهم التابعون بسد الذرائع في وقائع كثيرة كقضية جمع القرآن، اجتماع جميع الصحابة على جمعه في نسخة واحدة وإحراق ما عداها، فنرى بعد زمن قليل الصحابة والتابعين تبادروا إلى كتابة العلم والسنن، واستحبوا ذلك سدًا لباب ضياعها.

هكذا نرى بعدهم أن الفقهاء عملوا بسد الذرائع وإن لم يسموه بذلك الاسم، منهم الإمام أبو حنيفة وأتباعه كثيرًا ما يرجعون إلى باب الاستحسان والعمل بالاستحسان، وجه من وجوه العمل بسد الذرائع، كذلك الإمام الشافعي وأصحابه شنوا حملة على رده وإنكاره لكن لا يخفي على المستقرئ المتتبع أنهم أعملوه في فروع كثيرة، وأما الإمام مالك وأحمد وأتباعهما فسارعوا إلى أخذه، واشتهر مذهبهم بإعماله في الفروع الفقهية بل غالت المالكية في تطبيقه على الجزئيات في بعض الأحيان.


(١) فتاوى ابن تيمية ٣/ ١٤٠
(٢) فتاوى ابن تيمية ٣/ ١٤٥
(٣) الموافقات ٣/ ٦١
(٤) الموافقات ٣/ ١٨٩
(٥) مالك ٣٤٠، وابن حنبل ص ٣٢٧
(٦) مالك ص ٢٥٦
(٧) انظر المدخل الفقهي ١/ ٧٣
(٨) سد الذرائع ص ١٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>