(قال الشافعي) : فإن كان هذا هكذا، ففي هذا ما يثبت: أن الذرائع إلى الحلال، والحرام، تشبه معاني الحلال والحرام. اهـ، كلام الإمام الشافعي. وليس من وراء هذا القول، قول:(ليس وراء عبادان قرية) . وبه يكون آخذًا بسد الذرائع، في كل حادثة يتحقق مناط الأخذ بها.
وقد سار بعض الأئمة من فقهاء الشافعية، على نهج إمامهم. وأكدوا أن هذا الأصل، من الأصول التي يعول عليها، في بيان حكم النوازل والحوادث، التي تجد إذا لم يكن هناك نص دل على حكم فيها بعينها.
ومن هؤلاء الأئمة، سلطان العلماء، العز بن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام ج١ ص ١٧٠) ، فقد أفاد:
" الوسيلة إلى أرذل المقاصد، أرذل الوسائل، فالتوسل إلى القتل، أرذل من التوسل إلى الزنى، والتوسل إلى الزنى، أقبح من التوسل إلى أكل الأموال بالباطل، والإعانة على القتل بالإمساك، أقبح من الدلالة عليه. والنظر إلى الأجنبية محرم، لكونه وسيلة إلى الزنى، والخلوة بها أقبح من النظر إليها، وهكذا تختلف رتب الوسائل، باختلاف قوة أدائها إلى المفاسد.
(وقال) : " وقد تجوز المعاونة على الإثم والعدوان والفسوق والعصيان، لا من جهة كونه معصية بل من جهة كونه وسيلة إلى مصلحة، وله أمثلة:(منها) : ما يبذل من الأموال، لافتكاك الأسرى، فإنه حرام على آخذه، مباح لباذله.
(ومنها) : أن يكره امرأة على الزنى، ولا يتركها إلا بافتداء من مالها أو مال غيرها، فيلزم ذلك عند الإمكان.