وليس هذا عند التحقيق، معاونة على الإثم والعدوان، والفسوق والعصيان، وإنما هو إعانة على درء المفاسد، فكانت المعاونة على الإثم والعدوان، فيها تبعًا لا مقصود".
فقد تناول (ابن عبد السلام) بهذا الكلام قاعدة الذرائع، أو جوانب منها، وحدد نطاق الأخذ بها كالإمام القرافي.
فابن عبد السلام يقرر أن الوسائل تأخذ حكم المقاصد، فالوسيلة إلى أفضل المقاصد أشرف الوسائل، وإلى أرذل المقاصد، أرذل الوسال. والقرافي يقول: " الوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسط"
وفي المعاونة على الإثم والعدوان، نجد القرافي يقول عن هذا الجانب " وقد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة، وضرب الأمثلة نفسها التي ضربها العز بن عبد السلام ".
ولباب القول: أن كلام العز بن عبد السلام الفقيه الشافعي، يتفق مع كلام القرافي الفقيه المالكي، فيما يتعلق بقاعدة الذرائع ونطاق الأخذ بها وأن ذلك يتفق أيضًا مع ما نص عليه الشافعي في كتاب الأم من الأخذ بها واعتبارها دليلًا. وأن (سد الذرائع) ، ليس من خواص مذهب مالك، كما يتوهمه كثير من المالكية (وغيرهم) . بل منها ما أجمع على سده ومنها ما أجمع على إلغائه، وإنما النزاع في ذرائع خاصة، وهي: بيوع الآجال ونحوها " (الفروق" ج٣ ص ٢٦٦) .