طائفة مختارة من الأمثلة التطبيقية لهذه القاعدة الأصولية،
من مختلف المذاهب الفقهية
وبعد أن أصبح معلومًا لدينا، موقف الأئمة المجتهدين من هذا الأصل، وأنهم جميعًا قد لجأوا إليه في في أحكامهم وقرروها على أساسه، ما بين مكثر منهم، ومقل ومتوسط، نورد هنا بعض الفروع الفقهية، من مختلف المذاهب، وذلك تأييدًا أو توكيدًا لما اتفقوا عليه، من أن (سد الذرائع) من أصول الشريعة، وأنه لا غنى لأحد من الرجوع إليه والعمل به.
١-ونبدأ بالحنفية:
أ - فمن شواهدهم التي قرورها: أن للزوجة التي طلقها زوجها طلاقًا بائنا، دون رضاها، في مرض موته. حق الإرث من زوجها الذي طلقها، لكيلا يتخذ من حقه في الطلاق، ذريعة إلى حرمان الزوجة ميراثها المشروع، عند يأسه من الحياة، بقصد المضارة (وهذا الطلاق يسمى عندهم: طلاق الفار) .
ب - ومنها أنهم كانوا يكرهون إتباع صوم رمضان، بصوم ستة أيام من شوال؛ مخافة أن يعتقد العامة، أنها في حكم صوم رمضان. (بدائع الصنائع: ٢/٧٨) .
ج- ومنها قضاء القاضي لمن يتهم فيه من ذوي رحمه، فقد ذكر السمرقندي: أنه لا يجوز للقاضي أن يقضي لنفسه، ولا لأبويه وإن علوا، ولا لزوجته، ولا لأولاده وإن سفلوا، ولا لكل من لا تجوز شهادته لهم. وذلك سدًا لذريعة، ومنعا للشبهة. (تحفة الفقهاء: ج٣ ص ٦٣٩) .
د- ومنها شهادة الزوج لزوجته، وبالعكس. فقد ذهب أبو حنيفة إلى عدم قبول شهادة أحد الزوجين للآخر، وذلك سدًا للذرائع وردًا للتهمة؛ لأن النفع بينهما، وكل منهما يرث الآخر ويستفيد من ماله. (الهداية وشرحها فتح القدير: ج٦ ص٣٢) .