للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم بأن من شك بعد تحقيق الطلاق أطلق زوجته طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا لم تحل له إلا بعد زواج (١) .

بل أنكر إنكارًا بالغًا ذلك الغلو حيث قال: " وأصحاب مالك يلزمون الطلاق ثلاثًا من يشك أطلق ثلاثًا أم أقل، ويفرقون بين من طلق إحدى امرأتيه ثم لا يدري أيتهما المطلقة منهما فيطلقون كلتا امرأتيه ويحرمون حلالا كثيرًا خوفًا من مواقعة الحرام، وفي هذا عبرة لمن اعتبر، ليت شعري كما يشفقون في الاستباحة من مواقعة الحرام أما يشفقون في قطعهم بالتحريم وبالتفريق من مواقعة الحرام في تحريمهم ما لم يحرمه الله تعالى؟ وقد علم كل ذي دين أن تحريم المرء ما لم يصح تحريمه عنده حرام عليه " ثم يقول: والعجب كل العجب أنهم يحتاطون بزعمهم على هذا الذي جهل أي امرأتيه طلق خوف أن يواقع التي طلق وهو لا يعلمها فيكون قد أوقع حرامًا يعلمه بعينه، ولا يتقون الله تعالى فيحتاطون على أنفسهم التي أمروا بالاحتياط عليها، وقد قال لهم ربهم تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] فيحرمون عليه الثانية التي هي امرأته بلا شك ولم يطلقها قط فيخرجونها عن ملكه بغير إذن من الله تعالى، ويبيحون فرجها لمن لا شك في أنه حرام عليه من سائر من يتزوجها من الناس، وهي غير مطلقة ولا مفسوخ نكاحها ولا متوفى عنها فصاروا محللين للفروج المحرمة بيقين " ثم يقول: " وأيضًا فإنهم حكموا بالطلاق على امرأة لم تطلق من أجل أن غيرها طلقت، والله تعالى يقول: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ} (٢) [الأنعام: ١٦٤]


(١) انظر الدسوقي على الشرح الكبير ج٢
(٢) انظر في كل ذلك ـ الأحكام لابن حزم وكتاب سد الذرائع للبرهاني

<<  <  ج: ص:  >  >>