للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار أبو زهرة في كتابة على الأصول بما مضمونة: ومن الذرائع المحرمة ما يكون أداؤه إلى الفساد كثيرا ولكن كثرته لم تبلغ مبلغ الظن الغالب للمفسدة، ولا العلم القطعي، وذلك كالبيوع التي تتخذ ذريعة للربا، كعقد سلم يقصده به عاقداه ربا قد استتر في بيع كأنه يدفع ثمنا قليلا لا يتناسب مع ثمن البيع وقت الأداء قاصدا بذلك الربا فإن هذا تأدية إلى الفساد أم أنه لا يؤخذ به فيفسد العقد ولا يحرم الفعل أخذا بالأصل، وهو الإذن بالفعل، فأبو حنيفة والشافعي رجحا جانب الإذن ولم يحرما الفعل ولم يفسدا التصرف، وذلك لأن الفساد ليس غالبا فلا يرجح جانبه؛ لأن أساس التحريم أو البطلان هو أنه ذريعة إلى باطل فاسد حرام، ومع عدم الغالبية أو القطعية، لا يكون العقد أو الفعل ذريعة للبطلان فلا موجب للتحريم؛ لأن الأصل هو الإذن ولا يعدل عنه إلا بقيام دليل على الضرر فيه، وما دام الأمر ليس غلبة الظن فإن أصل الإذن باق (١) . هذا عن بعض آراء الحنفية والشافعية في الموضوع حيث لم يترددا في قول يسوق إلى ترك المباح خشية أن تجر بعض صور تطبيقه إلى المحرم ودون القطع على ذلك، وهذا الموقف اتسم بواقعية كبيرة في نظري حول ممارسة المسلم لتصرفاته داخل دائرة المباح مع التسلح بسلاح التشبث بأوامر الشرع كرادع عندما تصل الأمور إلى إمكانية الوقوع في الحد الأدنى من الحرام.


(١) تنقيح الفصول ابتداء من صفحة ٢٠٠، والفروق ج٢ ص ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>