قال التنوخي في شرحة لكتاب زروق على الرسالة:" قال ابن الحاجب: بيوع الآجال لقب لما يفسد بعض صوره لتطرق التهمة إليه لأنهما قصدا إلى ظاهر جائز ليتوصلا به إلى باطل ممنوع، حسما للذريعة، واعترضه ابن عبد السلام لأنه تدخله كثير من المبايعات التي لا تدخل حتى في بيوع الآجال (١) . لظاهر فسادها مما يسهل على غير المشبعين بالروح الإسلامية أن يتعاطوا من خلالها كثيرا من أشكال عقود الربا، أو سلفا جر منفعة تحت شكل تلك الوقائع التي تبدو في الظاهر غير محرمة"
قال أحمد بابا التنبكتي في شرحه نيل السول على مرتقى الأصول أثناء كلامه على الذريعة:" إذا أوصلتنا إلى أحسن المقاصد تكون محمودة، مثل السعي إلى الجمعة، أو الذهاب إلى الحج، ومثل عطش المجاهدين، وما يكتب لهم من أجر أثناء سيرهم إلى الجهاد بناء على قول الله عز وجل {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}[التوبة: ١٢٠] ٍ لقد حصل لهم هذا الثواب بسبب توجههم للجهاد، كما ثبت لأهل الحج أجر بمجرد التوجه إلى الديار المقدسة بنية الحج، وكذلك التوجه إلى المسجد للصلاة يكتب به أجر، وليس الذهاب إلى الجهاد أو الجمعة أو الحج من صميم تلك الفرائض الثلاثة، وإنما هي وسائل لتحقيقها فحمدت بسبب ما تؤدي إليه واكتسب من عملها أجر، ولهذا هذه الذرائع محمودة عكس التي تؤدي إلى محرم، واستدرك صاحب نيل السول استدراكا هو الذي نستشهد به من كلامه إذ قال: ولكن اتباع حكم الوسيلة لحكم ما افضت إليه ليس على إطلاقه، فقد تكون وسيلة المحرم غير محرمة لأنها أفضت إلى مصلحة راجحة كالتوصل إلى فداء أسارى المسلمين بدفع مال للنصارى، وإن كان حراما عليهم لأنهم مخاطبون عندنا بفروع الشريعة، وكدفع المال للمحارب حتى لا يقتتل مع صاحب المال ".
(١) أحمد بن أحمد بن عيسى الفاسي المعروف بزروق على الرسالة ج٢، ١٤٠