وقال ابن الشاط: وحول قاعدة الوسائل وقاعدة المقاصد بأن حكم الوسائل يجب أن تنبني على قاعدة ما لا يتم واجب إلا به فهو واجب، قال ابن الشاط في عمدة المحققين هذا ليس على إطلاقه لأن ذلك مبني في الأصح على قاعدة أن ذلك غير لازم فيما لم يصرح الشرع بوجوبه.
وكرر القرافي القول: بأن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها، وتكره وتباح وتحرم، وحول كثرة المسائل التي استخدمت فيها الذريعة أورد ابن القيم تسعة وتسعين مثلا لسد الذرائع كلها رفع الحكم بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسجل خلافا في تلك المسائل، والتي منها على سبيل المثال: النهي عن سب الأصنام، عند من سيسب الله وقد تقدم الكلام عليه، ونهي النساء عن ضرب أرجلهن بعضها ببعض ليعلم ما يخفين من زينتهن فمنعن من ذلك لكيلا يكون ذريعة لإغراء الرجال على تعاطي الزنا معهن، وذلك لقول الله عز وجل:{لَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}[النور: ٣١] ومنها إلزام الموالي والأطفال بالإذن من لم يبلغ الحلم منهم في أوقات معينة خشية اطلاعهم على العورات وذلك لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ}[النور: ٥٨] ومنها عدم تنفير أعداء الله بالقول السيئ حتى لا يكون ذلك ذريعة لتنفيرهم من الإسلام، قال الله {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٤] وقال الله أيضا {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥] ومن ذلك نهي الله عن البيع وقت صلاة الجمعة حتى لا يتخذ ذلك ذريعة للتهاون بها فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الجمعة: ٩] ومن ذلك تحريم القليل من المسكر حتى لا يتخذ ذريعة لحسو الكثير، ومن ذلك النهي عن بناء المساجد على القبور لئلا تتخذ تلك القبور أوثانا يسوق الاعتقاد فيها عند من لا يعرف حكمه إلى الإشراك بها ومن تلك الصور أيضا تحريم الجمع بين الأختين والمرأة وخالتها حتى لا يتسبب ذلك في قطع الرحم بينهما.