هذه الأوجه التي تناول من خلالها المالكية التفرد بالقول بسد الذرائع فيها، هي التي سجلت فيها أيضا كثير من الحيل مثل نكاح المحلل، وسلف جر منفعة، وبيوع الآجال، فإذا درست الذرائع والحيل من خلال هذا المنظور بدا الخلاف وعدم التطابق واضحا بينهما.
أما إذا وقفنا عند المسميات، فإن كل واحد منهما تستخدم للوصول إلى غرض معين، فيحصل نوع من التطابق الشكلي بين الوسيلة والحيلة بصفة كل منهما طريقة لحصول الغرض، والشاطبي يسوي بين الذريعة والحيلة كقاعدتين منهما طبقت دون قصد المساس بمراد الشارع كانت جائزة، وأي استعمال لأحداهما كسد ذريعة جر إلى مفسدة، أو استخدام حيلة أوقع في محرم، فكلاهما هنا وقع الإجماع على عدم الأخذ بها ثم قال في هذا الصدد.
" وجميع ما مر في حقيقتي المناط الخاص مما فيه هذا المعنى حيث يكون العمل في الأصل مشروعًا، ولكن ينهي عنه لما يؤول إليه من المفسدة، أو ممنوعا لكن يترك النهي عنه لما يؤول إليه من المفسدة، أو ممنوعا ولكن يترك النهي عنه لما في ذلك من المصلحة، وكذلك الأدلة على سد الذرائع كلها، فإن غالبها تذرع بفعل جائز إلى عمل غير جائز، فالأصل على المشروعية لكن مآله غير مشروع ".
هنا بدا التطابق واضحا إذ اتحد الهدف في كثير من الحالات، وحتى التعبير بالوسيلة هنا يعطي المعنيين صفة الحيلة والذريعة.
هذا عن أوجه التطابق والاختلال بين الحيلة والذريعة، أما ما يمكن أن نستخلص من أحكام تهم المعنيين وما نميل إليه تجاه السؤال المطروح في عنوان البحث فسنكرس له خاتمة هذا العرض بحول الله.