للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاتمة

تطلق الذريعة على معاني كثيرة منها الامتداد والتحرك، وذرع الرجل تذريعا ذراعيه في المشي وغيره، وحرك يديه، ومن معانيها التحمل والاتساع، ومنه قوله: ضاق بالأمر ذرعا، وضاق به ذرعه وذراعه.

وفي الاصطلاح تأتي بمعنى الوسيلة والسبب، وهي بهذا المعنى تشمل ما يمكن أن يتخذه الإنسان أداة للوصول إلى شيء معين، وبهذا الإطلاق العام، لا يشترط في ذلك الشيء أن يكون واجبا أو مباحا، أو حراما أو مكروها، وإلى ذلك أشار القرافي في كلامه المتقدم بقوله: "إعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها وتندب وتباح وتحرم" ولقد سبق الاستشهاد بهذا الكلام، فيحكم عليها بحسب ما أفضت إليه، فإذا أوصلت إلى واجب وجبت، وإذا اوصلت إلى حرام حرمت، وكذلك الأمر في المندوب والمكروه والمباح.

هذا عن استعمالات الذريعة العامة، والتي نص عليها الكتاب والسنة، كسب الأصنام عند المشرك الذي يعلم أنه سيرد على ذلك بسب الله، وكنكاح المحلل، والذريعة للوصول إلى الربا، وغير ذلك من الأصول التي عد منها ابن القيم تسعين استشهد عليها بآيات قرآنية وأحاديث نبوية كريمة، ولم يسجل فيها خلافا، أما الحالات التي تعني بالمعنى الخاص للذريعة والتي قال فيها البعض ومنهم القاضي عبد الوهاب في كتابه الإشراف على مسائل الخلاف إذ قال: "الذرائع الأمر الذي ظاهره الجواز، إذا قويت التهمة في التطرق به إلى الممنوع" إن هذا الو صف يجعل الذرائع والحيل تسوقان إلى نتيجة واحدة، وفي كتاب الباجي المسمى الإشارات: " الذرائع هي المسألة التي ظاهرها الإباحة، ويتوصل بها إلى فعل المحظور" (١) .

وهي كما رأينا تثبت بعض التوافق بين الحيل والذرائع وقد أخرجها ابن رشد في المقدمات من هذا التعريف العام فحصر استعمالها فيما أفضى إلى فعل محرم (٢) .


(١) هذه الأصول المالكية أخذناها من مراجعها الأصلية، وقد رجع إليها أيضا محمد هشام البرهاني في كتابه سد الذرائع ص٧٤
(٢) المقدمات: ج٢ ص١٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>