ويستنتج من كلامه في هذا الفصل أن هذه الكلمات الأربع ذات مسمى واحد، إذ بها يتوصل إلى المقاصد، ولما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بهذه الذرائع، والأسباب، والطرق والوسائل، أخذت حكم مقاصدها وغاياتها، وعلى ذلك جرت القاعدة التي تقول: للوسائل حكم المقاصد، أو التي تقول: وسيلة المقصود تابعة للمقصود، ومعنى ذلك: أن وسائل المحرمات والمعاصي لها حكم الكراهة والمنع بحسب إفضائها إلى غاياتها، وبحسب ارتباطها بها. كما تكون وسائل الطاعات والقربات، في الترغيب فيها والحث عليها بحسب ارتباطها بها أيضًا. وإذا رمنا التدقيق بين الذريعة والسبب من جهة، وبين الذريعة والوسيلة المستلزمة للمتوسل إليه لتحصيل ما بين هذه الكلمات من أوجه التماثل والتباين نجد:
أن السبب في اللغة هو الحبل، ويطلق أيضا على كل ما يتوصل به إلى غيره.
وأنه –في الاصطلاح- وصف ظاهر منضبط دل الدليل السمعي على كونه علامة على حكم شرعي، بقطع النظر عن وجود علاقة التلازم بينه وبين مسببه عادة، كما هو الشأن بين الحكم وعلته من التلازم الحتمي مثل عقاب الجناة، فإنما وجب لدرء مفسدة الظلم والاعتداء على الغير.