للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم السبب أنه متى وجد ترتب على وجوده وجود المسبب إذا توفرت الشروط وارتفعت الموانع، فأشبه العلامة الشرعية والتوقيت للحكم مثل: دلوك الشمس فهو علامة على دخول وقت الظهر وتوقيت لوجوبها، ولا علاقة في العادة بين دلوك الشمس ووجوب صلاة الظهر إلا بما نصبه الشارع فجعل هذا الدلوك سببا وتوقيتا وعلامة على وجوب صلاة الظهر، ويتبين أن المسبب بترتيب الشارع وبصنع الله تعالى وإرادته، لا بترتيب الإنسان.

وقد يكون السبب مناسبا لحكمه الذي هو المسبب كالسفر الطويل المبيح للفطر بعلة كونه مظنة المشقة، وكالإسكار المانع من شرب الخمر بعلة الحفاظ على العقل.

أما الذريعة فهي –كما أسلفنا- الوسيلة المشروعة التي تفضي أو تؤول إلى نتيجة غير مشروعة تحقيقا أو تقديرا كما هو مبين في أقسام الذرائع باعتبار قوة إفضائها إلى النتيجة وضعف ذلك.

وتختلف الذريعة عن السبب في كونها يتوصل بها إلى ما فيه مفسدة –إذا كانت من الذرائع المطلوب سدها- دون أن يتوقف عليها وجود تلك المفسدة، كالسفر المباح في الأصل، فإنه ينقلب إلى معصية إذا صار طريقا وذريعة إلى قطع الطريق مثلًا، فلا يفطر صاحبه ولا يقصر الصلاة؛ لأن المعاصي لا تكون أسبابا للرخص، وليس لازما أن يكون المسافر عاصيا بسفره، فقد يعصي المقيم ولا يعصي المسافر، وقد يحصل قطع الطريق وقتل الغير أو غصب أمواله دون توقف على السفر. وليس الأمر في السبب كالذريعة: إذ لا وجود للمسبب دون وجود سببه، وقد يوجد المتذرع إليه دون وجود الذريعة، مثل غصب أموال الغير، فقد يتذرع إليها بالسفر، وقد يتوصل إليها دون سفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>