للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقسام الذرائع:

تنقسم الذرائع بالمعنى العام إلى قسمين:

القسم الأول: الذرائع التي تفضي إلى المصلحة وهي على نوعين:

أ- أن تكون الذريعة والوسيلة مصلحة بحد ذاتها: وعندها تكون مطلوبة أو مباحة حسب قوة وحال ما تؤدي إليه. فإن كان مباحا فمباحة كالكسب الحلال المؤدي إلى التمتع بالطيبات، وإن كان مندوبا فمندوبة كالكسب الحلال لدفع غائلة الجوع، وإن كان واجبا فواجبة كالوضوء بالنسبة للصلاة.

ب- أن تكون الذريعة المفضية إلى المصلحة مفسدة في حد ذاتها: كالسرقة من أجل الإنفاق على العيال، ففي هذه الحالة تكون الوسيلة ممنوعة وإن كانت تؤدي إلى مصلحة لأن الغاية لا تبرر الوسيلة في الإسلام إلا إذا رافقتها ضرورة ملجئة فتباح بقدر الضرورة عملا بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها.

وهذا موضع اتفاق لدى العلماء وهو الذي تؤيده الأدلة الشرعية الإجمالية والتفصيلية وتشهد له نصوص الكتاب والسنة ويؤيده العقل وعليه إجماع المسلمين.

القسم الثاني: الذرائع المفضية إلى المفاسد وهذا القسم أيضا على نوعين:

أ- أن تكون الذريعة مفسدة في حد ذاتها وتفضي إلى المفسدة بطبعها كالسعي بالفساد بين الناس المؤدي إلى الفتنة وإيقاد نار الضغائن في النفوس، وترك السلام المؤدي إلى القطيعة غالبًا، والزنا المفضي إلى اختلاط الأنساب وضياع النسل وشرب المسكر المفضي إلى غياب العقل والإضرار بالجسم، ولا خلاف في أن هذا النوع محظور على وجه الكراهة أو الحرمة بحسب مقدار المفسدة فيه.

ب- أن تكون الذريعة المؤدية إلى المفسدة مصلحة في حد ذاتها ومشروعة، وهذا النوع من الذرائع على مراتب حسب نسبة المفسدة التي تفضي إليها واعتبار قصد الفاعل للمفسدة وعدمه وبالتالي يختلف النظر الفقهي إليها سدا وفتحًا، وقد ذكر العلماء مراتب هذا النوع من الذرائع وأقسامه، كما ذكروا حكم كل مرتبة منها ولقد فصل ابن القيم رحمه الله هذه الأقسام وبين حكمها فقال:

الفعل والقول المفضي إلى مفسدة قسمان:

أحدهما: أن يكون وضعه للإفضاء إليها كشرب المسكر المفضي إلى مفسدة السكر وكالقذف المفضي إلى مفسدة الفرية، والزنا المفضي إلى اختلاط المياه وفسد الفراش ونحو ذلك، فهذه أفعال وأقوال وضعت مفضية لهذه المفاسد وليس لها ظاهر غيرها.

والثاني: أن تكون موضوعة للإفضاء إلى أمر جائز أو مستحب فيتخذ وسيلة إلى المحرم إما بقصده أو بغير قصد منه.

فالأول: كمن يعقد النكاح قاصدا به التحليل أو يعقد البيع قاصدا الربا أو يخالع قاصدا به الحنث ونحو ذلك.

والثاني: كمن يصلي تطوعا بغير سبب في أوقات النهي أو يسب أرباب المشركين بين أظهرهم، أو يصلي بين يدي القبر لله ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>