للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذه الأمثلة نكتفي للتدليل على منع الإتيان بفعل يكون وسيلة إلى حرام وإن كان جائزا وتشمل القسمين الثاني والثالث من التقسيمات التي ذكرناها عن ابن القيم رحمه الله (١)

أما الإمام الشاطبي في الموافقات فقد قسم جلب المصلحة أو دفع المفسدة إلى ثمانية أقسام فقال: "جلب المصلحة أو دفع المفسدة إذا كان مأذونا فيه على ضربين:

أحدهما: أن لا يلزم عنه أضرار الغير.

والثاني: أن يلزم عنه ذلك، وهذا الثاني ضربان:

أحدهما: أن يقصد الجالب أو الدافع ذلك الإضرار كالمرخص في سلعته قصدا لطلب معاشه وصحبه قصد الإضرار بالغير.

الثاني: أن لا يقصد إضرارا بأحد، وهو قسمان:

أحدهما: أن يكون الإضرار عاما كتلقي السلع وبيع الحاضر للبادي، والامتناع عن بيع داره أو فدانه وقد اضطر إليه الناس لمسجد جامع أو غيره.

والثاني: أن يكون خاصا وهو نوعان:

أحدهما: أن يلحق الجالب أو الدافع بمنعه من ذلك ضرر، فهو محتاج إلى فعله كالدافع عن نفسه ظلمة يعلم أنها تقع بغيره، أو يسبق إلى شراء طعام أو ما يحتاج إليه أو إلى صيد أو حطب أو ماء أو غيره عالما أنه إذا استحازه استضره غيره بعدمه، ولو أخذ من يده استضر هو.

الثاني: أن لا يلحقه بذلك ضرر وهو على ثلاثة أنواع:

أحدها: ما يكون إلى المفسدة قطعيًا، أعني القطع العادي، كحفر البئر خلف الدار في الظلام بحيث يقع الداخل فيه لا بد وشبه ذلك.

والثاني: ما يكون أداؤه إلى المفسدة نادرا كحفر البئر بموقع لا يؤدي غالبا إلى وقوع أحد فيه وأكل الأغذية التي غالبها لا تضر أحدا وما أشبه ذلك.

والثالث: ما يكون غالبا كبيع السلاح من أهل الحرب، والعنب من الخمار، وما يغش به ممن شأنه الغش ونحو ذلك.


(١) انظر إعلام الموقعين ج٣/١٧٦-١٧٧-١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>