للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون كثيرا لا غالبا كمسائل بيوع الآجال فهذه ثمانية أقسام (١) .

ثم أسهب رحمه الله في بيان هذه الأقسام من حيث الإذن ببقائها وعدمه، وقد أوجزها صاحب كتاب سد الذرائع حفظه الله فقال وحاصلها:

١- تصرف مأذون فيه، لا يلزم عنه إضرار بالغير.

٢- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه إضرار بالغير بقصد.

٣- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه إضرار عام بغير قصد.

٤- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه إضرار خاص، بغير قصد يلحق صاحبه بمنعه من ضرر.

٥- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه بغير قصد إضرار خاص مقطوع، لا يلحق صاحبه بمنعه منه ضرر.

٦- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه بغير قصد إضرار خاص نادر، لا يلحق صاحبه بمنعه فيه ضرر.

٧- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه بغير قصد إضرار خاص كثير غالبًا، لا يلحق صاحبه بمنعه ضرر.

٨- تصرف مأذون فيه، يلزم عنه بغير قصد إضرار خاص كثير لا غالب، لا يلحق صاحبه بمنعه منه ضرر.

وحيث عرفنا أن الذريعة هي الوسيلة إلى الغاية لذا فإن الأصل في اعتبار سدها هو النظر في مآلات الأفعال وما تنتهي في جملتها إليه، وحكمها أن الوسيلة إلى المحرم محرمة ويجب سدها وأن الوسيلة إلى الواجب واجبة ويجب فتحها. فالذريعة مطلوبة إذا حققت مصلحة مشروعة وهي مرفوضة إذا حققت مفسدة والمعتبر في ذلك نتيجة العمل وثمرته لا قصد من أخذ بالذريعة ونيته، فإن سب المؤمن للأصنام التي تعبد من دون الله تعبير عن نية صالحة ومع ذلك نهى الله عنه اعتبارا لما يترتب عليه فكان الملاحظ فيه هو النتيجة الواقعة لا النية الدينية المحتسبة وقد يقصد الشخص الشر بفعل مباح فيكون آثما فيما بينه وبين الله، ولكن ليس لأحد عليه سبيل ولا يحكم على تصرفه بالبطلان الشرعي كمن يرخص في سلعته ليضر بذلك تاجرا منافسًا. فمبدأ سد الذرائع ينظر إلى النية مع النفع العام ودفع الفساد العام والنية معتبرة في موازين الله عز وعلا، والنتائج في واقع الحياة معتبرة في موازين المصالح الدنيوية.

وقد تجد من التصرفات ما يحقق منفعة فردية على حساب منفعة فرد آخر دون أن يكون في الموقف نفع عام ولا فساد عام، فإن أمكن تحقيق المنفعة بأسلوب لا يضر الغير، فلا إشكال في منعه من إيقاع الضرر بالغير؛ لأن قصد الإضرار واضح كمن بنى جدارا يسد به الشمس والنور والهواء عن جاره دون أن تلجئه إلى ذلك حاجة ملحة أما إن اضطر إلى تحقيق منفعة بدون قصد الإضرار فلا بأس (٢) .


(١) انظر سد الذرائع ص١٨٥
(٢) من بحث لفضيلة الشيخ صلاح أبو إسماعيل بتصرف يسير انظر بحوث المؤتمر الرابع للفقه المالكي ٦٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>