وأما الشيخ محمد علي التسخيري فقد عني بأدلة القائلين بسد الذرائع ومناقشتها، وأغلب أدلته عقلية. ثم ذكر أدلة فتح الذرائع وركز على منع الحيل الشرعية، واعتمد في تحريم الحيل على العرف وهذا انفرد به. وانتهى إلى القول بأن سد الذرائع حتى لو تمت أدلته ليس أصلا من أصول الفقه وإن أمكن أن يشكل قاعدة مهمة عامة وهذا يتفق مع نهاية كلامي في بحثي عن الذرائع منذ أكثر من أربعين عامًا.
ثم جاء بعد ذلك فضيلة الشيخ محمد الشيباني فقد ذكر معنى الذريعة والوسيلة المستلزمة للمتوسل إليه مثلما فعل الشيخ الطيب محمد سلامة، يعني المدرسة واحدة –مدرسة المالكية- هم يلتزمون ما عليه أئمتهم وكتبهم، في الغالب لا تكاد تجد مالكيا يخرج عن دائرة الإمام مالك، رحمه الله. فبعد أن ذكر الشيخ الشيباني أقسام الذرائع عند القرافي وابن عاصم والشاطبي وابن القيم، قال: إن الذرائع هي ثلاثة: مجمع عى اعتباره، ومجمع على إلغائه وإباحته، وقسم مختلف فيه. وأفاض كما ذكرت في بيان أمثلة الذرائع وفتحها.
خلاصة الكلام في هذا الموضوع في قضية الذرائع يتجلى فيما يأتي:
الذرائع أصل من أصول هذه الشريعة ومعمول به في الجملة نصا واجتهادا لدى الفقهاء، وسد الذرائع معناه كل ما يتوصل به إلى الشيء الممنوع المشتمل على مفسدة أو مضرة، وهذا الأصل يراد به تحريم الذريعة الممنوعة وهي الوسيلة غير الممنوعة بذاتها ولكنها متخذة جسرا إلى فعل محظور إذا قويت التهمة في أدائها إلى ذلك المآل أو الغرض أو الغاية عملا بقاعدة:"الأمور بمقاصدها".