ومن المتفق عليه بين العلماء أنه لا يجوز التعاون على الإثم والعدوان مطلقًا، وأن ما يؤدي إلى إيذاء جماعة المسلمين ممنوع كحفر الآبار في الطرقات العامة من غير ترخيص من الدولة أو الحكومة، ولا توفير الحواجز الواقية من الوقوع في هذه الآبار. كذلك مما يؤذي جماعة المسلمين إلقاء السم في الطعام والماء العام، أو بيع الأغذية الفاسدة المسممة، فهذا أيضا ضرر ينبغي منعه.
كذلك من المتفق عليه ما جاءت به النصوص في القرآن والسنة من الأمثلة الكثيرة على سد الذرائع مثل سب الأديان الأخرى والأصنام أمام أتباعها لأن هذا يحرضهم على سب الإله الحق {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨] ووضع الله في اليهود {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}[الأعراف: ١٦٣] المد البحري كانت تأتي الأسماك فيه يوم السبت فغاظهم ذلك وهم قوم ماديون بالفطرة فكيف لا يستفيدون من هذه الأسماك التي تأتيهم بدون اصطياد في المد البحري فأقاموا حواجز على الشواطئ ثم إذا انحسر الماء بالجزر فإن الأسماك تبقى في هذه الأحواض فيأتون يوم الأحد ويأخذون الأسماك ولا يتصادمون مع مبدئهم في تحريم العمل على أنفسهم يوم السبت {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: ١٦٣] . فهذه في الواقع نصوص –وما أكثر النصوص أيضاً- في السنة النبوية على منع الذرائع، منها: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الأوعية ونهى عن خطبة المعتدة، ونهى عن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، ونهى عن الخطبة على الخطبة والبيع على البيع ونهى عن هدية المديان، كل هذه من قبيل سد الذرائع، والأمثلة كثيرة موجودة في البحث.