جمهور العلماء لم يفرقوا بين بيوع الآجال وبيوع العينة، أما المالكية ففرقوا بينهما. بيوع الآجال هي بيع شيء بعشرة مثلا إلى أجل ثم شراء البائع ذاته هذا الشيء بثمن أقل، وهذا ممنوع لأنه يؤدي إلى الربا كثيرًا، ممنوع طبعا بتصريح عند المالكية والحنابلة، ويقصد به التوصل إلى الربا باتخاذ العقد المشروع وسيلة إلى الربا. وأما بيوع العينة عند المالكية فهي تكليف شخص بشراء شيء والالتزام بشرائه بثمن أعلى كأن يقول له: اشتر سلعة بعشرة نقدا وأنا آخذها منك باثني عشر لأجل. فبيوع العينة –كما صرح شراح خليل- تصل إلى ألف مسألة عند المالكية، وهم كما ذكر بعض الأخوة المالكية أنه فيها شيء من المغالاة. هذه البيوع ممنوعة لدى المالكية والحنابلة لأنها وسيلة للربا لما فيه من سلف جر نفعًا، وأما الحنفية فيمنعونها لأن العقد الأول لم يتم إذ لم يقبض الثمن، والبيع الثاني مبني على بيع لم يتم فيكون فاسدًا، كذلك بيع في الغالب لشيء قبل القبض فيكون أيضا فاسدا فهو ممنوع، بناء على هذه عند الحنفية استحسانًا. وأما الإمام الشافعي فيقول: العقد من حيث الظاهر جائز وصحيح لأنه اشتمل على أركانه وشرائطه. والنزعة في الفقه الشافعي تميل إلى الحكم على الأشياء هي نزعة ظاهرية، لكن الإمام الشافعي من جانب آخر قال: وأدع القصد المؤثم لله جل جلاله.
إذن من حيث الحرمة يتفق مع بقية الفقهاء على تحريم ما اتخذ جسرا إلى الربا لكن هل يصحح العقد من حيث الظاهر. ومن هنا برزت الحاجة إلى معرفة عقد زواج التحليل وبيع العنب لعاصره خمرا وبيع السلاح في الفتنة، وما شاكل ذلك. هذه العقود صحيحة في الظاهر ولكن القصد الخبيث منها يحكم الإمام الشافعي بتأثيم من كان قصده ذلك.
وأما الذرائع الملغاة إجماعا فهي مثل زراعة كروم العنب فإنها لا تمنع خشية الخمر. إن أدى إلى المحرم في سوء الاستعمال، ومثل المجاورة في البيوت خشية الفاحشة، أو إطالة المباني كعصرنا الحاضر لسبب الانفجار السكاني وكثرة الناس وضيق الأماكن فوجدت هذه المباني كلها كانت في الأصل ممنوعة ثم زال المنع بسبب الظروف والحاجات الحاضرة.