للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة، ضابط إباحة الذرائع شيئان: أن يكون الوقوع في المفسدة نادرًا، وأن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته. هذان ضابطان لإباحة الذريعة، كون المفسدة نادرة وكون المصلحة أرجح من المفسدة. ولا شك أن ما رجحت المصلحة فيه على المفسدة فإنه ينبغي أن يكون جائزًا. ضوابطه وشروطه ثلاثة، شرطان منها يتفقان مع إباحة الذرائع.

أولًا: أن تكون الذريعة من شأنها الإفضاء إلى المفسدة مؤدية إلى المآل قطعا أو غالبا أو كثيرًا.

ثانيًا: أن تكون المفسدة أرجح مما قد يترتب على الوسيلة من المصلحة، يعني عكس فتح الذرائع، وإن كانت الوسيلة مباحة كعقد البيع المقرر والمشروع وعقد الزواج وما شاكل ذلك.

ثالثًا: أن يقصد بالمباح التوصل إلى مفسدة كعقد الزواج المقصود به التحليل، وبيع العنب لعاصره خمرًا، وعقد البيع الذي قصد به التوصل إلى الربا (بيوع العينة، أو بيوع الآجال) وغير ذلك من المقاصد الخبيثة، وما أجمل ما قاله الشاطبي في هذا الصدد: دائما نحن نحكم على التصرفات باعتبار المآل أو الغاية.

فإذا كان المآل والغاية سليمين ومحققين لمصلحة فتكون الوسيلة جائزة، أما إذا كان المآل والغاية فاسدين فيهما مفسدة ومضرة فينبغي أن يمنع، وقد يلحظ الباعث السيئ والنية الخبيثة، قد يحكم على العقد ببطلانه أو فساده إذا كان هذا الباعث أو هذه النية لا تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية. فهذه في الحقيقة ضوابط هذا المبدأ، وأكون بهذا قد وفيت بما قلت لكم، يعني لا يكون الخلاف في هذا الموضوع خلافا بعيد الأطراف وإنما هو خلاف قليل لأن المصادر واحدة والكلمات متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>