للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجماع عامة يوجد على عدم جواز إدخال ما لم يعلم من الدين في الدين. إذن نسبة الحكم والحرمة إلى الشارع من دون دليل قوي وقاطع فيها شيء من الإشكال. نعم يجوز لأحد أن يقول أنا أحتاط لديني فلا أعمل، كل وسيلة قد تؤدي إلى الحرام ولرجاء إدراك الواقع، هذا احتياط، هذا شيء آخر غير نسبة الحرمة إلى الدين والتعبد بها، هذا شيء حسن، يحتاط الإنسان لدينه لرجاء إدراك الواقع من دون إدخاله في الدين وأن ينسبه إلى الشارع. طبعا بشرطين، هذا حسن وجيد بشرطين:

الشرط الأول: ألا يكون الاحتياط معارضا لاحتياط آخر. مثلًا، إذا ظن إنسان أن سفر ابنته يوقعها في الحرام فيمنعها احتياطا ولكن بشرط ألا يكون هناك احتياط آخر معارض له وهو أن سفر البنت إلى الخارج لأجل التعليم والحصول على العلم أو من أجل الشفاء من مرض معين، بشرط ألا يعارضه احتياط آخر. هذا هو الشرط الأول.

الشرط الثاني: ألا يثبت دليل على وجوب العمل على إتيان الذريعة. مثلا إذا ظننت أن هذه الذريعة تؤدي إلى الحرام لكن قام الاستصحاب على وجوبها. استصحاب هناك. فالعمل على ترك الذريعة التي قد تؤدي إلى الحرام وعدم العمل بالاستصحاب الذي يدل على الوجوب هذا يكون تجريا، تركنا الدليل وعملنا بالظن بالحرمة، وتركنا الدليل وتصير الحرمة حرمة تجري.

بهذين الشرطين يكون الاحتياط للدين حسنًا. أما إذا لم يوجد الشرط الأول بل وجدت ذريعة إلى الحرام وظننا بحرمتها أو شككنا بها ولكن وجد احتياط آخر كما قلنا في أن هذه البنت التي قد تقع في الحرام إذا سافرت، الذريعة التي تؤدي إلى الحرام يعارضها احتياط آخر وهو أهمية سفرها؛ لأن فيه تحصيل علم أو شفاء من مرض مثلًا، فالاحتياط يقتضي السفر أيضًا. وبما أن أمر هذه البنت دائر بين السفر واللاسفر وكلا الأمرين يمكن فيه الاحتياط فيمكن للولي أو لنفس هذه البنت إجراء احتياط عدم السفر ولكنه ليس بحسن. ففي صورة يكون الاحتياط حسنا وفي صورة إذا كان هناك احتياط آخر يعارض سد الذريعة يكون سد الذريعة جائزا ولكنه ليس بحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>