للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباختصار بالنسبة لفضيلة الشيخ حسن الجواهري –حفظه الله- فإنه لم يقرأ قراءة كافية –فيما أرى- أصول المذهب الحنفي، فقضية الكراهة التحريمية أو الكراهة التنزيهية أظن أن ذلك موجود في بقية المذاهب ولكن بصيغة أخرى. الحنفية يقولون عن قضية الذرائع: (مقدمة الواجب) ، وهذا رد على بعض الباحثين من إخواني الذين قالوا إن الحنفية لا يقولون بالذرائع إلا عن طريق الاستحسان.

الواقع وتعلمون أنني من خدام الفقه الإسلامي كله لا سيما المذهب الحنفي، الذي رأيته في المذهب ودراستي المتواضعة أن المذهب الحنفي يقول بالذرائع كما تقول به المالكية تماما وكما تقول به الحنابلة ولكن يضعون له اصطلاحا آخر اسمه (مقدمة الواجب) ومن قرأ مثلا كتاب (التوضيح) لصدر الشريعة و (حاشية التلويح) للتفتازاني و (حواشي التلويح) لأن التلويح عليه حواشٍ، أو (كشف الأسرار الكبير) للبخاري شرح أصول البزدوي، يجد في طيات هذه الكتب اصطلاحا هو (مقدمة الواجب) ، لا يوجد هناك كلمة (سد الذريعة) أو (الذريعة) أو (الذرائع) قد لا يكون هذا الاصطلاح موجودا ولكنه لبه وجوهره ومعناه مقدمة الواجب لديهم.

وأرجو ألا أكون هنا مدرسا ولكن مذكرا لبعض منسياتكم، أن ما أدى إلى الواجب فهو واجب وما أدى إلى الحرام فهو حرام، وما أدى إلى المندوب فهو مندوب، وما أدى إلى المباح فهو مباح، وما أدى إلى المكروه فهو مكروه. لذلك يضعون للذريعة حكم ما توصل إليه، وهذا الفرع لا يدخل تحت قضية المكروه تحريما والحرام، هذا الفرع لا يدخل عندهم بل يبقى على الأصل لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام وليس مكروها تحريمًا، لأنني حين أسير في طريق حرام فإنني –قولا واحداً- أقع في الحرام من أول مرة وإلا فلماذا حرمنا عملية إسقاط الزكاة كما قال أبو يوسف؟ لماذا قال له: سقطتما ولكن إلى النار؟ لماذا؟ هل هذه العملية التي استفتي بها ذلك الرجل قاضي القضاة هذه العملية هل هي جائزة؟ هل نستطيع أن نقول مكروهة تحريما أو مكروهة تنزيهاً؟ إنها حرام، حرام؛ لأن فيها إسقاط الزكاة، ومثل ذلك ما يقوله بعض فقهاء عصرنا من أن أوراق البنكنوت (النقدية) ليست نقودا إنما هي يقولون مرة سلع ومرة إنها حوالة والواقع أنهم يقصدون أو لم يقصدوا يسقطون ركن الزكاة وهو الركن الركين في الإسلام.

فأشكر لسيادتكم صبركم علي في هذا المقال الواسع وأشكر لإخواني حسن إصغائهم وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>