بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، أود هنا أن أشير إلى، أولًا، شكر الباحثين الكرام على أبحاثهم وشكر العارض الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي.
فيه بعض الأمور بودي أن أنبه عليها ثم لي بعض الملاحظات. أولًا: ينبغي أن ننبه إلى أهمية قضية سد الذرائع بالنسبة لبعض القضايا الواقعة في عصرنا هذا، فإن بعض فقهاء هذا العصر وخاصة من ابتلي بالفتوى قد يتساهلون القول بالحرمة في كثير من المسائل استنادا إلى الاحتياط وسد الذريعة، فإذا سئلوا في قضية الأصل أنها جائزة لكن قد يختلط معها شيء من الحرام على وجه احتمال الضعيف أو الموهوم أو الأدرأ، استعجلوا بالحكم بالحرمة استنادا إلى سد الذريعة أو الأخذ بالاحتياط. وبعض من ابتلي بالفتوى أيضا يستند في التحريم إلى اعتبار أنها مفسدة في العرف، وهذه المفسدة قد تكون ملغاة لأن المفسدة المعتبرة بسد الذريعة هي المفسدة التي اعتبرها الشارع ضررا لا ما يراه هذا الفقيه مفسدة للعرف. هذا الاتجاه في الحقيقة نلمسه في كثير من الفتاوى المعاصرة وفي هذا تعسير وتحجير في غير محله قد يلجأ المستفتي أو الناس إلى المحظور. فالاحتياط في غير مكانه وسد الذريعة في غير محلها هو بذاته ذريعة إلى الفساد لما فيه من تعطيل المصالح وهو قاعدة (رفع الحرج) لقوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] . لهذا نص الشاطبي –كما ورد في بعض الأبحاث- على أن الذريعة تكون جائزة إذا كان أداؤها للفعل المحرم نادرا سواء أكانت الوسيلة مباحة أم مندوبة أو واجبة؛ لأن في منعها حرجا وتعطيلا لمصالح كثيرة.
بالنسبة للملاحظات، الملاحظة الأولى حينما أراد الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي أن يلخص أقسام الذرائع فهما من تقسيم الشاطبي قال: إن الذرائع ثلاثة أقسام، أحدها ما يقطع بتوصيله إلى الحرام فهو حرام باتفاق، والثاني ما يقطع بأنها لا توصل ولكن اختلطت بما يوصل، ثم قال: فكان من الاحتياط سد الباب وإلحاق الصورة النادرة التي قطع بأنها لا توصل بالحرام بالغالب منها الموصل إليه.