للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الجدير بالذكر أن بعض هذه المراكز المنشأة للتحكيم داخل الدول الإسلامية والعربية قد نص في نظامه صراحة على وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية وحدها في حسم المنازعات التي يجري عرضها فيه، ومن ذلك – فضلًا عن نظام التحكيم السعودي – مركز التحكيم الإسلامي بجامعة الأزهر الذي كان صاحب الفضل فيه ودعمه الشيخ صالح كامل وقد بدأ يباشر نشاطه الفعلي من نحو عام، ونصت المادة ٢٣ من لائحته على أن: (تطبق هيئة التحكيم على النزاعات المعروضة أمامها، مبادئ الشريعة الإسلامية، وتختار ما تراه مناسبًا من الآراء وفقا لاجتهادها، إلا إذا ألزمها الطرفان بتطبيق مذهب فقهي معين دون غيره) .

٤- وقد تدفعنا تجربة الالتزام بالاحتكام إلى الشريعة الإسلامية فيما يعرض على التحكيم من منازعات إلى التفكير في اتخاذه وسيلة لاستكمال تطبيق هذه الشريعة الغراء في حدود ما يجوز التحكيم فيه وفقًا للنظم الوطنية وفي نطاق ما يمكن أن يقره القضاء الرسمي في الدولة، سواء في ذلك المنازعات الوطنية البحتة أو ذات العنصر الأجنبي أو المنازعات بين الدول الإسلامية أو العربية.

وقد يزكي فينا الأمل ما أقرته القمة الإسلامية الخامسة في الكويت في يناير سنة ١٩٨٧ من مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وما تنتظره الدول العربية من إقرار مشروع محكمة العدل العربية.

فإذا ما تحققت هذه الآمال بشأن المنازعات الدولية، فإن المنازعات الفردية بين الأشخاص الطبيعية أو المعنوية تظل متطلعة إلى تحكيم الشريعة الإسلامية بشأنها (١) لا عن طريق الحكومات، وإنما عن طريق الأفراد والجماعات وبمحض اختيار من الطرفين المتنازعين، يصرحون به في تعاقداتهم، أو يقبلونه بعد نشوء المنازعات، ويراعون في كل حال تحقيق التوافق بين إرادتهم وبين النظم السارية في البلاد التي يجري فيها التحكيم والبلاد التي سوف تنفذ فيها أحكامه، واضعين نصب أعينهم – في المرحلة الحالية – ألا يفقدوا نصرة القضاء الوطني حين تنشأ الحاجة إليه لدعم حكم التحكيم وتأييده أو لإصدار الأمر بتنفيذه جبرًا.


(١) الدكتور محمد رأفت عثمان: القضاء في الفقه الإسلامي سنة: ١٩٩٢، ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>