للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان كل من حكم التحكيم وحكم القضاء يلزم الخصوم، فإن شرط ذلك في التحكيم عند تعدد المحكمين كقاعدة عامة، أن تجتمع كلمتهم على الحكم، ما دام الأطراف لم يأذنوا لهم بالحكم بالأغلبية في الحالات التي يجوز فيها ذلك؛ ذلك لأن الرضا كان رضاء برأيهم لا برأي بعضهم ولو كانوا الأكثرية، أما في القضاء فليس بلازم – عند التعدد – أن يكون الحكم صادرًا بالإجماع ويكفي فيه أن يكون بأغلبية القضاة.

وقد تكشف المقارنة بين حكم المحكمين وحكم القضاء عن ضعف الحكم الأول إذا قيست قوته بالحكم القضائي، كما يتضح ذلك في النقاط التالية عند توحيد مصدر الحكم فيها بالاقتصار على الرأي الراجح في مذهب واحد، ولكن هو المذهب الحنفي:

أ- فحكم المحكم إذا رفع للقاضي في محل مجتهد فيه ولم يوافق رأيه نقضه، أما إذا كان حكمًا قضائيًّا فإنه لا يملك ذلك.

ب- وحكم المحكم بالوقف لا يلزم؛ لأن حكمه لا يرفع الخلاف على الصحيح عند الحنفية، ويلزم بحكم القاضي؛ لأن حكمه يرفع الخلاف.

ج – وحكم المحكم علي وصي الصغير بما هو ضرر على الصغير لا يصح؛ لأن تحكيم الوصي بمنزلة الصلح، أما حكم القاضي بذلك فصحيح إذا استجمع شرائطه.

د- وحكم المحكم إذا أسلم بعد ردته غير صحيح، إلا بتحكيم جديد؛ لأنه ينعزل بالردة، فينتهي أثر الاحتكام السابق عليها، أما القاضي فإنه إذا أسلم بعد ردته لم يحتج إلى تولية جديدة، ولذلك يصح حكمه.

هـ – وحكم المحكوم برد الشهادة للتهمة لا يلزم غيره كما لايلزم القاضي إذا عرض عليه الأمر وشهدت البينة بعدالة الشاهد؛ لأن رد الشهادة عند الحنفية حكم، وحكم المحكم لا ينفذ إلا في مواجهة من رضي به، أما إذا رد الشهادة قاض للتهمة، فإنه لايحق لقاض آخر أن يقبلها؛ لأن القضاء بالرد ينفذ على الكافة. (١) .


(١) البحر الرائق: ج ٧ ص ٢٧، فتح القدير للكمال بن الهمام: ج ٦ ص ٤١٠، الفتاوى الهندية: ج ٣ ص٤٠٠ الدكتور أحمد المليجي، النظام القضائي الإسلامي، ص ٦٥، ٦٦ الدكتور إسماعيل إبراهيم البدوي، نظام القضاء الإسلامي، ص ١٤٥،١٤٦ الدكتور محمد سلام مدكور، القضاء في الإسلام، ص ١٣٥، ١٣٦ الدكتور محمد عبد الرحمن البكر، السلطة القضائية، ص ٥٥٣، ٥٥٤ مراجع سابقة

<<  <  ج: ص:  >  >>