للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك، نجد في كتابات بعض الفقهاء تعريفًا للتحكيم لا يخرج عن هذه المعاني، من ذلك قول صاحب الدر: (وعرفًا: تولية الخصمين حاكمًا يحكم بينهما) (١) . وبهذا المعنى جاء في المجلة: (التحكيم: هو اتخاذ الخصمين برضاهما حاكمًا يفصل خصومتهما ودعواهما ...) (٢) .

الفرق بين التحكيم والإفتاء والقضاء

الإفتاء:

يقال: أفتى في المسألة، إذا بين حكمها، واستفتى: سأل عن الحكم (٣) ، قال تعالى {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: ١٢٧] ، والإفتاء عند علماء الفقه والأصول: إظهار الحكم الشرعي المتعلق بأمر من الأمور (٤) .

وهكذا يتفق التحكيم والإفتاء في أن كلًّا منهما إخبار عن الحكم الشرعي في الواقعة، ولكنها يختلفان في كثير من الأمور:

١- فالتحكيم يستلزم وجود نزاع بين طرفين، أما الإفتاء فقد يكون نتيجة طلب شخص يريد أن يعرف الحكم ليعمل به في خاصة نفسه.

٢- والتحكيم يجري في مسائل حددتها كتب الفقه واختلف في تعدادها الفقهاء. أما الإفتاء فمحله يتناول جميع المسائل والأحكام.

٣- والتحكيم – في رأي أكثرية الفقهاء – عقد ملزم لأطرافه وينبغي عليهم الالتزام بنتيجته. أما الإفتاء فليس عقدًا ولا تكون نتيجته ملزمة للمستفتي.

٤- وقد اشترط كثير من الفقهاء أن تتوافر في المحتكم إليه شروط القاضي. أما المفتي فلا يشترط فيه ذلك.

٥- والتحكيم يتطلب من المحتكم إليه تمحيص الوقائع التي تقدم إليه قبل أن يصدر حكمه فيها، أما المفتي فإنه يسلم بالواقعة التي طلب منه إظهار الحكم فيها دون مناقشتها.


(١) الحصكفي، الدر المختار شرح تنوير الأبصار، مع حاشية ابن عابدين، ط ٢، القاهرة: ١٩٦٦، ج ٥ ص ٤٢٨
(٢) مجلة الأحكام العدلية، المادة ١٧٩٠
(٣) تاج العروس؛ لسان العرب؛ معجم مقاييس اللغة؛ المعجم الوسيط
(٤) ابن عبد الشكور، مسلم الثبوت مع المستصفى للغزالي، بولاق مصر: ١٣٢٢ هـ، ج٢ ص ٤٠٣؛ السبكي، جمع الجوامع، الحلبي: ١٣٥٦هـ ١٩٣٧م، ج ٢ ص ٣٩٢، ٣٩٥، ٣٩٧؛ القرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى في تمييز الفتاوى عن الأحكام، المكتب الثقافي: ١٩٨٩، ص ٢٥، ٢٦؛ مصطفى السيوطي الرحيباني، مطالب أولى النهى، دمشق: ١٩٦١، ج ٦ ص ٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>