للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يجري فيه التحكيم

اختلف الفقهاء فيما يجري فيه التحكيم على أقوال:

١- جواز التحكيم في كل الأحكام:

قال به المحقق (١) ، والعلامة (٢) والشهيد الأول (٣) ، وكاشف اللثام (٤) ، وهو المحكي عن ظاهر كلام أحمد (٥) ، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي (٦) ، واختاره صاحب الجواهر (٧) ، على القول بالمشروعية.

٢- جواز التحكيم في جميع ما يقع فيه التداعي، وعدم جوازه في حقوق الله المحضة التي ليس لها خصم معين، ولا يقع التداعي فيها..

اختاره الشهيد الثاني (٨) .

٣- جواز التحكيم في جميع الأحكام إلا أربعة أشياء: النكاح: واللعان والقذف والقصاص. وهو المحكي عن القاضي (٩) وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي (١٠) .

٤- جواز التحكيم في الأموال فقط.

نقله صاحب الجواهر (١١) عن الروضة عن بعض الفقهاء.

والمختار من هذه الأقوال هو القول الثاني والدليل على ذلك إطلاق الأدلة، إذ قوله صلى الله عليه وسلم: ((فتحاكموا إليه)) مطلق يشمل جميع ما يقع فيه التحاكم والتداعي، نعم يختص بما يقع فيه التحاكم والتداعي، وأما ما لا تداعي فيه ولا تحاكم كحقوق الله تعالى فلا دليل على نفوذ حكمه فيه.

أما ما يمكن أن يستدل على القول الأول بأنه داخل في عموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيرده أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يغاير الحكم والقضاء، ولو سلم فلا دليل على جواز التحكيم فما ليس له خصم معين من قبل المحكمين حتى يقال بجواز حكم من باب النهي عن المنكر.

وأما سائر الأدلة فلا عموم لها بالنسبة إلا ما لا يقع فيه التداعي.

واستدل على القول الثالث بأن لهذه الأحكام (النكاح واللعان والقذف والقصاص) مزية على غيرها فاختص الإمام بالنظر فيها ونائبه يقوم مقامه ((١٢) .

ويرده: أولًا: لو قلنا باشتراط جواز التحكيم بعدم وجود الإمام أو القاضي المنصوب من قبله يلزم أن تعطل هذه الأحكام.

وثانيًا: ورود الدليل على جواز التحكيم يكشف عن الإذن العام في النظر في هذه الأحكام لقاضي التحكيم.

وثالثًا: نحن ننكر وجود مزية فيها على غيرها، بل يمكن أن يقال: إن في بعض الأحكام غير هذه الأربعة مزية على هذه الأربعة كالطلاق، والسرقة.

والقول الرابع: قول بلا دليل، ويرده عمومات الأدلة.


(١) الشرائع، ص ٣١٤
(٢) القواعد (الينابيع الفقهية، ج ١١، ص ٣٩٣
(٣) الدروس، ج ٢، ص ٦٨
(٤) كشف اللثام، ج ٢، ص ١٤٠
(٥) المغني، ج ١٠، ص ١٣٧
(٦) المغني، ج ١٠، ص ١٣٧
(٧) الجواهر، ج ٤٠، ص ٣٧
(٨) المسالك، ج ٢، ص ٣٥٢
(٩) المغني، ج ١٠، ص ١٣٧
(١٠) المغني، ج ١٠، ص ١٣٧
(١١) الجواهر، ج ٤٠، ص ٢٤
(١٢) المغني، ج ١٠، ٣ ١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>