للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنفيذ حكم المحكمة مباشرة أو باتصال القضاء به:

يستفاد من الأدلة الدالة على جواز التحكيم أن قاضي التحكيم يجوز له تنفيذ الحكم وإجراؤه بالمباشرة سيما ما ورد في تحاكم النبي صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي، ولا يحتاج إلى تنفيذ القاضي المنصوب، نعم للقاضي المنصوب تنفيذه وإجراؤه لو لم يكن لقاضي التحكيم سلطة عليه؛ لأنه حكم صدر من أهله، ولا يجوز تعطيله، إذ يلزم الاستخفاف بحكم الله، ومع ذلك كله قال العلامة (١) : (وهل له الحبس واستيفاء العقوبة إشكال) والظاهر أن التنفيذ إذا كان يعني تدخلًا في شأن حكومي لزم اتصال القضاء به.

مشروعية التحاكم إلى الاثنين

هل يجوز التحاكم إلى اثنين من الرعية ليكونا ناظرين معًا في قضية واحدة أم لا؟

لم أجد من تعرض لهذه المسألة من الفقهاء، إلا أن مقتضى مقبولة عمر بن حنظلة، ومعتبرة داود بن الحصين المتقدمتين في مشروعية التحكيم جوازه، فعلى هذا يجتمعان وينظران في القضية وإذا اتفقا حكما معًا، وحكمهما لازم ونافذ على المتخاصمين.

ثم إن التحاكم إلى الاثنين يتصور تارة بأن يختار الخصمان معًا كلاهما، وأخرى أن يختار كل واحد من الخصمين رجلًا ليكونا ناظرين في حقهما، وما ورد في المقبولة هو الثاني، وفي معتبرة داود بن الحصين هو الأول.

إذا حكم الخصمان رجلين في واقعة، واختلف في الحكم حكم أيهما يمضي؟

مقتضى مقبولة عمر بن حنظلة ومعتبرة داود بن الحصين صحة حكم أعدلهما وافقههما وأصدقهما وأورعهما وعدم نفوذ حكم الآخر.


(١) القواعد (الينابيع الفقهية، ج ١١، ص ٣٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>