للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أن الإسلام دين سمح له قدرة فائقة على سبر أغوار النفس البشرية ومعرفة حاجاتها ورغباتها وحدود إرضائها، فهو يسعى دومًا إلى إقامة الترابط بين أفراد المجتمع الواحد، بما يقتضيه التسامح والعفو، يضمن استمرارية الانسجام الجماعي. إذ لو بالغ كل فرد في إشباع مطالبه أو ما يحسبه حقًّا من حقوقه لتعرض المجتمع للتفتت والانهيار وزعزعة الانسجام والاستقرار، ولهذا فهو يلجأ في طلب الحق إلى مراحل لتحقيق العدل:

أولًا: إلى مراجعة النفس وذلك بالأخذ بالعفو، والأمر بالمعروف والإعراض عن الجاهلين بقدر الإمكان.

ثانيًا: إلى طلب الفتوى، لاستجلاء وجهة نظر الشرع في الأمر.

ثالثًا: إلى الصلح، وهو خير.

رابعًا: إلى طلب الفصل في النزاع بحكم، وذلك بأحد الطريقين:

أ- التحكيم الحر، بتراضي الأطراف على اختيار محكم والالتزام بحكمه، وذلك في القضايا المسموح شرعًا بفضها عن طريق التحكيم، ومجاله يكون في العدالة التوزيعية لا العقابية.

ب- القضاء: وهو الولاية الرسمية لفض جميع الخصومات أيا كانت طبيعتها، بما فيها تلك التي لم يتوصل الأطراف إلى فضها بالوسائل السابق بيانها، أو تلك التي لجئوا فيها إلى مثل تلك الوسائل ولكنها أسفرت عن ظلم بين، أو مساس بالشرع والسيادة.

وهذه المراحل أساسية في فلسفة الحكم في الإسلام فهي سلم متدرج الخطى في سبيل تربية أخلاقية دينية وخلق متسامح، متعال، وتقوى لله وابتعاد عن الفجور والظلم، وعدم التهافت على المنافع والشهوات؛ إذ ما عند الله خير وأبقى، ثم الصلح خير، وفي التجاوز مصلحة عامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>