قال أبو بكر الجصاص: إن من رد أوامر الله أو أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو خارج من الإسلام سواء رده من جهة الشك فيه أو من جهة ترك القبول والامتناع من التسليم.
والظاهر أن المراد بكفر الشرك الجحود لأن جحود حكم الله أو الحكم بغيره من الإخبار بأنه حكم الله هو كفر، وفاعله مرتد إن كان قبل ذلك مسلمًا به هـ.
والله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: ٥١] .
واجتهاد سيدنا عمر بقتل المنافق الذي لم يرض بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل القرآن موافقًا له فيما قضى به.
قال الله سبحانه وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] .
يقول ابن العربي: إذا كان النزاع بين معاهد ومسلم فالنظر لقضاء المسلمين ولا يقع التقاضي لدى أهل الذمة.
أما بين أهل الذمة فأمرهم إليهم فإذا جاء إلى قاضي المسلمين فإن شاء حكم وإن شاء أعرض هـ.
والله سبحانه وتعالى لا يجبر على مقاضاة غير المسلمين أمام القضاء الإسلامي ويقرر أنهم إذا رغبوا في التقاضي أمام المسلمين فعلى هؤلاء أن يحكموا بينهم بالقسط طبق الشرع الإسلامي. وهذا صريح قوله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: ٤٢] .
وقوله سبحانه وتعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٩] .
وقال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] .
ويروي مالك والبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود عن جابر بن عبد الله: ((رجم زانيين من اليهود بقضاء الرسول عليه الصلاة والسلام بعد الإطلاع على حكم التوراة واستشارة من يعرف أحكامها)) .