للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صحيح مسلم عن البراء بن عازب قال: مر على النبي عليه الصلاة والسلام بيهودي محمم (أي طلي وجهه بالفحم) مجلودًا فدعاهم وقال لهم: ((هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟)) . . . .

قالوا: نعم، فدعى رجلًا من علمائهم وقال له: ((أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى؛ أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟.)) قال لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك فحده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه)) وأمر به فرجم وقال: ((إني أحكم بما في التوراة)) .

والرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم يقول في الحديث الصحيح الذي رواه الخمسة عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها:

((أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) .

يقول القرطبي: إن اليهود حكمت النبي عليه الصلاة والسلام فحكم عليهم بمقتضى ما في التوراة.

والتحكيم جائز بصورة عامة في كل حق اختصم به الخصوم، وينفذ حكم المحكم وذلك في الأموال والحقوق التي تخص الطرفين ضرورة أن التحكيم حق للطرفين ولم يكن من حق القاضي.

ويؤيد هذا ما يقوله الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه (إذا حكم رجل رجلًا فحكمه ماض وإن رفع إلى قاض أمضاه) .

ويقول سحنون معلقًا: يمضيه إن رآه صوابًا.

وقد أخرج الحاكم في المستدرك وأبو داود والدارقطني أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان من الأنصار في مواريث متقادمة فقضى عليه الصلاة والسلام بينهما في بيتي)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>