للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث

معاشرة المصاب من الزوجين للسليم

من المعلوم عند الأطباء أن المني يحمل الفيروس فإذا عاشر أحد الزوجين الآخر، وهو مصاب أصيب الآخر غالبًا، فزوجات المصابين أصيب عدد كبير منهن (١) ولذلك ينصح الأطباء إذا كان أحد الزوجين مصابًا بالابتعاد عن الاتصال الجنسي (٢) ما أمكن. فإن لم يمكن فعن طريق استعمال العازل الذكري – الكبوت – الذي يؤدي إلى منع ملامسة الإفرازات الجنسية لكل من الطرفين وبالتالي لا تنتقل العدوى إلى السليم (٣) . ولكن السؤال المطروح الذي تجب الإجابة عليه: ما هو حكم الشرع إذا علم المريض بمرضه ومارس مع السليم الجاهل فأصابه المرض؟ وهل يختلف الحكم إذا لم يعلم أنه مصاب فمارس الجنس وأصاب الآخر؟.

يقسم الفقهاء القتل الخطأ إلى قسمين:

أحدهما: أن يفعل ما له فعله فيقتل إنسانًا.

وعلى ذلك هل لمريض الإيدز أن يعاشر السليم المعاشرة الجنسية التي ثبتت أنها ناقلة للمرض بما لا يدع مجالًا للشك؟

من القواعد الكلية المعلومة والمستقرة عند العلماء: (لا ضرر ولا ضرار) .... فكل فعل فيه ضرر أو ضرار بأحد فهو ممنوع شرعًا ومن خالف أثم فيما بينه وبين الله تعالى ولزمته تبعات عمله بل لقد ذهب كثير من علماء الحنابلة إلى أن من فعل ما ليس له فعله فهو عمد محض.

جاء في الإنصاف: (تنبيه: مفهوم قوله أن يفعل ما له فعله أنه إذا فعل ما ليس له فعله كأن يقصد رمي آدميا معصوما، أو بهيمة محترمة، فيصيب غيره، أن ذلك لا يكون خطأ بل عمدًا وهو منصوص الإمام أحمد – رحمه الله -. قال القاضي في روايته: وهو في ظاهر كلام الخرقي) (٤) .

وعليه فمريض الإيدز إذا علم بمرضه فليس له المعاشرة حينئذ فيكون جانيا، يجب عليه تبعات جناياته من دية وكفارة وفي القود تردد إذ قد يكون حقه في المعاشرة الزوجية التي لا يعلم بمنعها، وذلك – متوقع – شبهة في درء حد القصاص.


(١) محمد البار ومحمد صافي، الإيدز: ص ٧٠
(٢) رفعت كمال قصة الإيدز: ص ٢٣
(٣) رفعت كمال قصة الإيدز: ص ٢٣
(٤) المرداوي، الإنصاف: ٩ / ٤٤٦؛ وانظر البهوتي شرح منتهى الإرادات: ٣ / ٢٧٢؛ وكشاف القناع: ٥ / ٥١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>