للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا كان المريض لا يعلم بمرضه فعاشر السليم وأصابه فما الحكم؟

من المعلوم المستقر أن الجهل والخطأ والنسيان رافع للإثم مطلقًا فيما بين المكلف وربه كما وعد بذلك رب العزة والجلال بقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) . . . . (١) .

وأما الحكم فإن الدية والكفارة واجبتان عليه إذ الخطأ لا يسقط حقوق الآخرين المالية، كما أنه لا يسقط الواجبات، فمن نام عن صلاة أو نسيها يجب أداؤها إذا ذكرها وما أحسن تفصيل السيوطي – رحمه الله – في هذا المقام حيث يقول: (اعلم أن قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقًا. وأما الحكم فإن وقعا في ترك مأمور لم يسقط بل يجب تداركه ولا يحصل الثواب المترتب عليه لعدم الائتمار، أو فعل منهي ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان. فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها) (٢)

فالضمان واجب على من تسبب في إصابة غيره والجهل والخطأ والنسيان لا تسقط حقوق الآخرين، وعليه تجب دية السليم إذا أصابه المرض نتيجة للمعاشرة الجنسية ... والله أعلم.

المطلب الرابع

الإصابة بالمرض نتيجة تقصير الأطباء والفنيين في

المختبرات أثناء نقل الدم ومشتقاته وزراعة الأعضاء

من المؤكد والمتفق عليه بين الأطباء أن نقل الدم ومحتوياته وزراعة الأعضاء من مصاب إلى سليم سبب لانتقال العدوى، وقد علمت وقائع متعددة نقل فيها الدم من مصابين فأصيب المنقول إليه بالعدوى لا سيما في مراحل اكتشاف المرض الأولى قبل أن تعرف وسائل انتقاله وتتخذ الاحتياطات اللازمة والتأكد من سلامة المنقول منه من المرض (٣) .


(١) ابن ماجة، السنن: ١ / ٦٥٩
(٢) السيوطي، الأشباه والنظائر، ص ٢٠٧
(٣) محمد البار، ومحمد صافي، الإيدز: ص ٩٣ – ١٠٢؛ رفعت كمال، قصة الإيدز: ص ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>