للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني

الحكم إذا كان المرض لا ينتقل بالمعايشة العامة والمصافحة

والأكل والشرب واستعمال الأدوات والمراحيض

هذا الأمر لم يحسم بعد عند الأطباء وإن كان توجه كثير منهم إلى عدم انتقاله، جاء في كتاب قصة الإيدز: (لا ينتقل فيروس الإيدز عن طريق اللعاب والعرق والدموع أو البول أو رذاذ التنفس أو المصافحة أو ماء حمام السباحة أو الحمامات العامة أو المراحيض أو الغذاء أو ماء الشرب) (١) .

هذا القول مع ما كان سائدًا يجعل من يريد تفريغ الأحكام الشرعية مترددًا بين احتمالين سبق الكلام وإعطاء الحكم على الاحتمال الأول، والحكم على الاحتمال الثاني هو عدم جواز عزله وحرمانه من التعليم والعمل لا سيما إذا كان المريض يتصرف في حياته تصرفًا مسؤولا لا يخشى منه الإضرار بغيره، فحقوقه العامة والخاصة لا يجوز المساس بها فلا ضرر ولا ضرار، والتدابير الوقائية التي تتخذ للحماية من كل مرض حسب طرق انتقاله من مريض إلى آخر.

فالضرورة تقدر بقدرها ولا يعطى الأمر أكثر مما يستحق، فمريض الإيدز يعاني من الآلام النفسية والصحية والاجتماعية والشيء الكثير ولذلك صرح بعض المصابين عندما طرد من عمله قائلًا: (إنك لا تعيش آلام الإيدز فقط ولكن تعيش منبوذا من المجتمع، وحتى إذا مت فإنهم يرفضون تجهيز جثتك) (٢) .

فالضرورات تقدر بقدرها، ولذلك يذكر الأطباء الذين يرون عدم انتقاله بغير الوسائل الأربع المتفق عليها احتياطات تؤيدها الأدلة العامة والقواعد الكلية ومقاصد الشريعة العامة منها: أن منع الطفل المصاب من اللعب مع غيره في المدرسة واجب شرعي حيث إن اللعب يعد مصدرًا للجرح وعند حصول الجرح في مصاب وسليم ينتقل المرض عن طريق الدم، وكذا يؤكدون على وجوب أخذ الاحتياطات في المدرسة حين استعمال الأطفال للآلات الحادة وتبادلها بين سليم ومصاب، فثقب الجلد بأي طريقة واستعمال أدوات ملوثة وسيلة من وسائل انتقال المرض فيجب أخذ التدابير والاحتياطات اللازمة والكفيلة بمنع انتشار الأمراض حسب طبيعة انتقالها وذلك من ضمن الواجبات الشرعية على ولاة الأمور التي لا يجوز التهاون فيها أو الإخلال بها ومن لم يراع ذلك حكم بفسقه. والله أعلم.


(١) رفعت كمال، قصة الإيدز: ص ٩١
(٢) محمد البار ومحمد صافي، الإيدز: ص ٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>