ونحن نؤيد هذا الاتجاه بالقول بأن لولي المرأة المصاب زوجها التفريق خاصة لما يثيره هذا المرض من المخاطر والمخاوف والأهل يعيرون بهذا المرض الخطير، والذي يعادل الآن الخوف من الإصابة منه الإصابة ذاتها على النفس، ويمكن أن يكيف العقد هنا على اعتبار عدم اللزوم للكفاءة بين الزوجين لإصابة أحدهما بمرض الإيدز الخطير، خاصة إذا تحللنا من النظرة الضيقة لمعنى الكفاءة بحيث تكون صورها تتحدد وفق الأعراف والعادات والتي قد تطرأ عليها ظروف اجتماعية تفيد الانسجام والاستقرار المطلوب بين الزوجين ونستشهد بقول الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الصابوني في إعطائه لعناصر الكفاءة منظورًا واسعًا متغيرًا فيقول: وليست عناصر الكفاءة كما حددها الفقهاء من نسب ومال وحرفة، بل هي كل ما كان يؤدي وجوده بين الزوجين إلى عدم الانسجام من فوراق في أمور اجتماعية تحول غالبًا دون التوافق والانسجام والاستقرار، ولهذا فأمر هذه العناصر متروك للعرف غير محدد، والفقهاء حين ذكروا هذه العناصر ذكروها لأنها كانت في عصرهم معيارًا للتكافؤ، ولهذا فإننا نرى لا لزومًا إطلاقًا لحصر عناصر الكفاءة بالأمور التي ذكرها الفقهاء، وفق تلك المقاييس التي وضعوها لملائمة عصرهم والتي لم تعد تتلائم بعد قرون وقرون من غير تلك العصور (١)
رابعًا: طلب الزوج السليم الفرقة إذا أصيب الآخر بالإيدز
نفترض هنا أن الزوج أو الزوجة أصيب أحدهما بهذا المرض الخطير هل يحق للسليم أن يطلب فك رابطة الزواج أم لا؟
بالرجوع إلى أقوال الفقهاء نراهم في بحثهم حول العيوب أو الأمراض التي يتم على أثرها الفرقة بين الزوجين قد ميزوا بين أنواع مختلفة من العيوب التي تصيب الزوجين، ومن ثم اختلفت المذاهب فيما إذا كان الحق في فك عقدة الزواج يعد حقًا للزوج والزوجة أم غير ذلك؟ وهل فك عقدة الزواج هو فسخ له أم طلاق؟
وبما أننا نبحث في مرض له نتائج خطيرة على المصاب ومعد ويصيب الإنسان في صحته البدنية كما هو الأمر في نفسه، وكما أوضحنا سابقًا يقاس على ما ذكره العلماء في مرض البرص والجذام والأمراض التناسيلة، أكثر من غيرها من الأمراض، فلذا سيكون حديثنا في القياس على الفقهاء على هذين الداءين دن غيرهما من العيوب.
(١) د. عبد الرحمن الصابوني: أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية وما عليه العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة ص ٢٦٥.