للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في الفقه الحنبلي فقد ذكر عن ابن قدامة أنه إذا أسقطت المرأة ما ليس فيه صورة آدمي فلا شيء فيه ولو شهد ثقات من القوابل أن في الطرح مبدأ خلق آدمي، لو بقي تصور، فأصح الوجهين أنه لا شيء فيه لأن الأصل براءة الذمة فلا تشغل بالشك (١) ، وقد ذكر ابن رجب أنه يجب الغرة بقتله إذا ألقته أمه ميتًا من الضرب، وهو ثابت بالسنة الصحيحة، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من اعترض على ذلك ... فإن الجنين إما أن يكون صادفه الضرب وفيه حياة ويكون ذلك قبل وجود الحياة فيه ولا يجوز أن يكون قد فارقته الحياة لأنه لو مات لم يستقر في البطن، وحينئذ فالجاني إما أن يكون قتله أو منع انعقاد حياته فضمنه بالغرة لتفويت إبقاء حياته (٢) .

والخلاصة من هذه الآراء التي سقناها أنه إذا كان الإجهاض بعذر كوجود ضرر يلحق بالأم مع بقاء الجنين، فإنه يجوز الإجهاض سواء قبل المائة والعشرين يومًا أو بعدها، أما غير ذلك فلا يجوز بعد المائة والعشرين يومًا أو قبلها حتى ولو خيف على أن يخرج الجنين مشوهًا، ذلك لأنه إذا قيل بانعقاد حياته بعد المائة والعشرين يومًا فنقول إنه بطرحه قبل هذه المدة قد فوت انعقاد حياته وهو اعتراض على إرادة الخالق وحكمته، ولذا فنحن نؤيد عدم جواز إجهاض الجنين من أم أو أب مصابين بالإيدز. والآن التقنية العلمية توضح مدى حالة الطفل وهو في بطن أمه، بل هو يعالج وتجرى له العمليات وأمه حامل به، فيكون الأمر خاضعًا للقرارات العلمية الطبية أفضل من التقدير الفقهي إذ يكون بعيدًا عن التقديرات أو التأكيدات الطبية.

موقف القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة:

ولا يبعد عن قولنا الذي نجد أساسه في الفقه المالكي، وكذلك عند ابن رجب من الحنابلة فيما سبق سياقه، ما أورده قانون المعاملات المدنية الإماراتي، فقد نص القانون في المادة ٧١ منه على الآتي:

١ – تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيًا وتنتهي بموته.

٢- ويعين القانون حقوق الحمل المستكن.


(١) المغني ويليه الشرح الكبير ج ٨ ص ٥٣٩
(٢) قواعد ابن رجب الحنبلي القاعدة رقم ٨٤ ص ١٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>