ولا أظن أن أمر الشك الذي كان يحوم حول قدرة "المنجمين" على حسب الأهلية ينصب اليوم على أكاديميات البحث العلمي والتكنولوجي، مثل معهد الأرصاد بحلوان بمصر، ومعهد قانديلي باسطنبول، والمعهد الفلكي ببوزريعة بالجزائر، والمرصد الفلكي بجاغرتا بأندونيسيا وغيرها من المراصد التي تمحضت لدراسة علم الفلك، وأصبحت عنوان التقدم العلمي في العصر الحاضر.
إن هذه المعاهد اليوم تستطيع أن تحدد لحظة ميلاد القمر، وفترة مكثه بعد غروب الشمس في البلاد الإسلامية المختلفة بدقة متناهية، واحتمال الخطأ مع انضباط الحسابات في المراصد الفلكية الحديثة المختلفة أصبح من الأمور المستبعدة.
وأصبحت الدراسات التي تقدم من الفلكيين في هذا الموضوع تصور بوضوح كل الأشكال التي تمر بها عملية ظهور الهلال، وقد تقدم المرصد الفلكي بقاندلي باسطنبول بخرائط جغرافية واضحة تدل بكل دقة على بداية رؤية الهلال لكل شهر من شهور السنة، كما تبين البلدان التي يمكن فيها ظهور الهلال فوق الأرض بالساعة والدقيقة والثانية، ثم كيف تستمر عملية الرؤية طبقًا لحركة القمر حول الأرض.
وقد صرح كثير من الفلكيين بأنه يمكن الاستعانة بالأقمار الاصطناعية لتصبح عملية الرؤية تشاهد على شاشة التليفزيون من طرف كل الناس.
هذا وإن البحث الذي تقدم به علماء الفلك بجامعة الملك عبد العزيز بجدة إلى مجمعكم هذا، ليعد نموذجًا صادقًا ودراسة علمية عميقة لمحاولة التوفيق بين النصوص الشرعية وعلم الحساب الذي أصبح من العلوم الصحيحة في هذا العصر.