للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ رشيد رضا في مجلة المنار:

"إن الشهر قد ثبت برؤية الهلال حقيقة أو حكمًا، فلا يكون إثبات وجوب الصيام بقول الفلكيين الحاسبين بل بوجود الهلال، وإنما يبينون للناس متى يرى ...

..إن إثبات أول شهر رمضان، وأول شهر شوال، هو كإثبات أوقات الصلوات الخمس، قد ناطها الشارع كلها بما يسهل لعلم به على البدو والحضر كما تقدم، وغرض الشارع من ذلك العلم بهذه الأوقات لا التعبد برؤية الهلال، ولا بتبيين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، أي انفصال كل من الآخر برؤية ضوء الفجر المسيطر من جهة المشرق، ولا التعبد برؤية ظل الزوال وقت الظهر، وصيرورة ظل الشيء مثله وقت العصر، ولا برؤية غروب الشمس، وغيبة الشقف لوقتي العشائين ... ".

وينهي العلامة المرحوم رشيد رضا بحثه بقوله: "وجملة القول أننا بين أمرين:

إما أن نعمل بالرؤية في جميع مواقيت العبادة أخذًا بظواهر النصوص، وحسبانها تعبدية، وحينئذ يجب على كل مؤذن أن لا يؤذن حتى يرى نور الفجر الصادق مسيطرًا منتشرًا في الأفق، وحتى يرى الزوال والغروب.. الخ.

وإما أن نعمل بالحساب المقطوع به لأنه أقرب إلى مقصد الشارع، وهو العلم القطعي بالمواقيت وعدم الاختلاف فيها، وحينئذ يمكن وضع تقويم عام تبين فيه الأوقات التي يرى فيها هلال كل شهر في كل قطر، عند عدم المانع من الرؤية، وتوزع في العالم".

وقد بحث الشيخ بخيت المطيع مفتي الديار المصرية سابقا في كتابه إرشاد أهل الملة إلى إثبات الأهلة واستعرض أقوال الفقهاء في المذاهب المختلفة وساق الأدلة والمناقشة من الجانبين، وذكر ما قاله صاحب الهداية الحنفي في مختارات النوازل.

ثم قال: "مما يؤيد القول بالعمل بالحساب الصحيح أن أهل الشرع من الفقهاء وغيرهم يتوجهون في كل حادث إلى أهل الخبرة وذوي البصيرة فيهم، فإنهم يأخذون بقول أهل اللغة في معاني ألفاظ القرآن والحديث، وبقول الطبيب في إفطار شهر رمضان، وغير ذلك كثير ... فما الذي يمنع من بناء إكمال شعبان ورمضان وغيرهم من الأشهر على الحساب، والرجوع في ذلك إلى أهل الخبرة العارفين به إذا أشكل علينا الأمر في ذلك، مع كون مقدماته قطعية وموافقة لما نطقت به آيات القرآن لكريم؟ ألا ترى أن الحاسب إذ قال بناء على حسابه: إن الخسوف أول الكسوف يقع ساعة كذا من يوم كذا، وقع كما قال قطعًا ولا يتخلف، خصوصًا وأن مبنى الحساب على الأمور المحسوسة والمشاهدة بواسطة الأرصاد وغيرها.."

<<  <  ج: ص:  >  >>