للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الأول

وهو ينقسم إلى مقدمة وأربعة مباحث.

المقدمة (في تعريف الذكاة لغة واصطلاحا) :

أصل الذكاة لغة بمعنى التمام، كما نص عليه ابن منظور (١) في اللسان، إذ قال: وأصل الذكاة في اللغة كلها إتمام الشيء، فمن ذلك الذكاء في السن والفهم، وهو تمام السن، قال: وقال الخليل: الذكاء في السن أن يأتي على قروحه سنة، وذلك تمام استتمام القوة. قال زهير:

يفضله إذا اجتهدوا عليه

تمام السن منه والذكاء

وبمثله قال من المفسرين الفخر الرازي (٢) وابن العربي (٣) والقرطبي (٤) والسيد محمد رشيد رضا (٥) , وعليه حمل القرطبي قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] ، أي أدركتم ذكاته على التمام. وهو يتفق مع ما نقله تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار عن الإمام النووي، وقال: " معنى ذكاة الشاة ذبحها التام المبيح"، ومنه: فلان ذكي أي تام الفهم (٦)

غير أن القرطبي ذكر وجهاً آخر، وهو أن أصل التذكية التطييب، من قولهم رائحة ذكية، والحيوان إذا أسيل دمه فقد طيب، لأنه يتسارع إليه التجفيف، وهذا الذي صدر به تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار, وتابعه عليه كل من الدكتور عبد الله عبد الله العبادي في كتابه الذبائح في الشريعة الإسلامية (٧) والدكتور محمد عبد القادر أبو فارس في كتابه أحكام الذبائح في الإسلام (٨) وقد يتبادر أن ذلك صحيح، نظرا إلى شيوعه في استعمال الناس، ولكن عندما نعود إلى معاجم اللغة من أجل فهم المراد من ذكاء الرائحة نجد أنه بمعنى الشدة، سواء كانت من طيب أو نتن، كما نص عليه ابن منظور في اللسان، والزبيدي في تاج العروس (٩)


(١) لسان العرب- مادة ذكا-: ١٤/ ٢٨٨
(٢) التفسير الكبير:١١ /١٣٥
(٣) أحكام القرآن:٢ /٥٤١
(٤) الجامع لأحكام القرآن: ٦ /٥١
(٥) المنار: ٦/ ١٤٣
(٦) تقي الدين الحصني، كفاية الأخيار: ٢/ ٤٢٢
(٧) الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٢٠
(٨) أحكام الذبائح في الإسلام، ص ٣٤
(٩) انظر المرجعين- مادة ذكا

<<  <  ج: ص:  >  >>