للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدل بعض أصحاب هذا القول لما ذهبوا إليه بحديث عائشة رضي الله عنها في ذبائح الأعراب، وهو استدلال منتقض من أساسه، فإن أولئك الأعراب ما كانوا على ملة غير الإسلام، ولا ثبت أنهم يرتكبون مخالفات للشريعة في ذبحهم، وإنما وقع في نفوس بعض الناس شكٌّ في تسميتهم على الذبح لحداثة عهدهم بالكفر، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يفيدهم أن أعمال المسلم- وإن كان جديد عهد بالإسلام- محمولة على موافقة الحق ما لم يثبت خلافه له.

وأما ما استأنسوا به من كلام ابن العربي الذي يبيح أكل الدجاجة التي يفتل عنقها النصراني؛ فهو مدفوع بما نص عليه ابن العربي نفسه قبله بسطور معدودة، وهو قوله: "فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس؛ فالجواب أن هذه ميتة وهي حرام بالنص وإن أكلوها فلا نأكلها نحن، كالخنزير فإنه حلال لهم ومن طعامهم، وهو حرام علينا". (١)

فيا ترى هل نترك من كلامه ما وافق الدليل القرآني إلى ما خالفه؟ على أن أي أحد وإن بلغ ذرى المراتب في العلم والفضل لا يحتكم إلى كلامه مع قيام الدليل الشرعي، بل يحكم الشرع في كلامه لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]


(١) أحكام القران: ٢/ ٥٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>