للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابي الذي تحل ذبيحته:

المراد بالكتابي الذي تحل ذبيحته هو من يدين بدين أهل الكتاب وهذا لا نزاع فيه سواء كان ذميا أو حربيا، وقد حكى ابن المنذر إجماع الفقهاء على ذلك (١)

والخلاف الذي وقع بين الفقهاء في هذه المسألة، هو من ينطبق عليه وصف أهل الكتاب. وها أنا أتناول بالبحث هنا آراءهم فيمن ينطبق عليه هذا الوصف.

الكتابي من أصل غير كتابي أو كتابي من أصل واحد:

لا خلاف بينهم، رحمهم الله تعالى، أن الكتابي تؤكل ذبيحته إذا كان أبواه كتابيين، أما إذا كان أبواه غير كتابيين، أو كان أحدهما كتابيا والآخر غير كتابي، فقد اختلفت وجهات نظرهم فيه، وذلك على النحو التالي:

ا- ذهب الحنفية إلى حل ذبيحة الكتابي مطلقا سواء كان من أصل كتابي أو غير كتابي، وكذا لو كان غلاما مولودا بين كتابي وغير كتابي، سواء كان مولود الأب أو الأم, معللين ذلك بقولهم: "إن جعل الولد تبعا للكتابي منهما أولى، لأنه خيرهما دينا فينسب إليه ". (٢)

وهذه وجهة نظر المالكية أيضاً، فقد ذكر أئمتهم أن المجوسي الذي تنصر أو تهود، فإنه يقر على الدين المنتقل إليه ويصير له حكم أهل الكتاب من أكل ذبيحته وغيره من الأحكام (٣) معنى هذا: أنهم لم يشترطوا تنصر أو تهود أبوي المجوسي الذي أصبح كتابيا من أجل حل ذبيحته.

وبخصوص الغلام من أصل كتابي وغير كتابي، فإنهم أباحوا ذبيحته إذا كان من أب كتابي، حكى ذلك الشيخ العدوي عن الشيخ سالم من فقهاء المذهب حيث قال: "وتؤكل ذبيحة الغلام أبوه نصراني وأمه مجوسية، لأنه تبع لدين أبيه ". (٤) وذهب الشافعي في أحد قولين له إلى إباحة ذبيحة الكتابي الذي أبوه كتابي أيضا.

٢- قال الحنابلة: إن كان أحد أبوي الكتابي ممن لا تحل ذبيحته والآخر ممن تحل ذبيحته، فلا تحل ذبيحة الذابح في هذه الحالة (٥) وبه قال الشافعي إذا كان الأب غير كتابي، وفي قول له وإن كان كتابيا، حكى ذلك ابن قدامة عنه (٦) .


(١) المغني، لابن قدامة: ٨/ ٥٦٨
(٢) البدائع، للكاساني: ٣/ ٤٦
(٣) انظر الخرشي على سيدي خليل: ٣/ ٥
(٤) الشيخ العدوي على شرح الخرشي في المصدر السابق أيضا
(٥) انظر المغني: ٨/ ٥٦٨
(٦) انظر المغني: ٨/ ٥٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>