للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم ما ذبحه الكتابي لغير الله:

ذكرنا فيما تقدم وجهة نظر الفقهاء في ذبيحة الكتابي التي لم يقصد بها القربة، أما لو نوى بها التقرب لكنيسة أو لعيد من أعياده، فللفقهاء رأي آخر في هذه المسألة أوجزه كما يلي:

ا- إن ما قدمه الكتابي من دم بقصد القربة لغير الله، لا يخلو من أن يذبحه مسلم أو يتولى ذبحه بنفسه، فهنا حالتان يختلف حكم كل واحدة منهما عن الأخرى:

الحالة الأولى: إذا تولى الذبح مسلم بأمر من الكتابي، فقد نص الإمام أحمد على إباحة ذبيحته، حكى ذلك ابن قدامة عنه حيث قال: "قال أحمد وسفيان الثوري في المجوسي يذبح لإلهه، ويدفع الشاة إلى المسلم يذبحها فيسمي يجوز الأكل منها" (١) . ونقل عن أحد فقهاء المذهب أنه سأل أحمد عما يقربه المجوس لآلهتهم ويتولى ذبحه مسلم، أنه أجاب بقوله: لا بأس به, فإذا حلت ذبيحة المجوسي في هذه الحالة وهو ليس من أهل الكتاب، فلأن تحل ذبيحة الذمي هنا من باب أولى.

وهذه وجهة نظر المالكية أيضا بناء على قولهم: بحل ذبيحة الكتابي الذي يذبح لله ويقصد به انتفاع الصليب أو عيسى- عليه السلام- بثوابه، وكذا قياسا على ما حكي عن الإمام مالك أنه أجاز أكل ما ذكر عليه اسم المسيح عليه السلام مع الكراهة (٢) فإذا أجاز ذلك كله عندهم مع أن الذي يتولى الذبح غير مسلم، فلأن يجيزوه مع تولي المسلم الذبح من باب أولى.


(١) انظر المغني: ٨/ ٥٦٨
(٢) انظر الخرشي على سيدي خليل: ٣/ ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>