للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا على ما يبدو لي هو رأي الحنفية أيضا، لأن الشرط عندهم في حل الذبيحة هو التسمية كما سيأتي، وهي متوقعة من المسلم عند الذبح بخلاف غيره.

في حين يرى الشافعية حرمة الذبيحة في هذه الحالة، حيث قال الخطيب الشربيني: "لاتحل ذبيحة مسلم ولا غيره لغير الله، لأنه مما أهل به لغير الله ". (١) وقد نص الشافعي على أن الذبح للنبي صلى الله عليه وسلم أو تقربا له، لا تحل الذبيحة في هذه الحالة (٢) .

والذبيحة التي يتقرب بها الذمي لكنيسته أو لعيد من أعياده، إنما أهلت لغير الله، فلا تحل، وإن تولى ذبحها مسلم.

الحالة الثانية: أن يتولى الذمي ذبح ذبيحته المقصود بها قربته لغير الله، وعندئذ إن سمى الله وحده عند ذبحها، فإن أكلها حلال، لأن شرط الحل -وهو ذكر الله وحده- قد حصل (٣) , وإن ذكر اسم غير الله عليها كالمسيح، فللفقهاء آراء في المسألة أوضحها فيما يلي:

ا- حكي عن الإمام أحمد في أكثر الروايات عنه، عدم حل ذبيحة الذمي في هذه الحالة، قال ابن حنبل: "سمعت أبا عبد الله قال: لا يؤكل- يعني ما ذبح لأعيادهم وكنائسهم- لأنه أهل لغير الله به " (٤) . فعدم حل ذبيحة الذمي على رأي أحمد هنا مقيد بأحد أمرين؛ أحدهما ذكر غير اسم الله على الذبيحة، والآخر ترك التسمية عمدا. وبالحرمة قال الشافعية أيضا، بناء على ما حكيناه عنهم في الحالة الأولى، إذ قولهم بحرمة ما ذبح لغير الله من المسلم، ينطبق على تولي غير المسلم الذبح أيضا إذا تقرب بها لغير الله. وهذا هو رأي الأحناف أيضا، فقد ذكر الكاساني، أنه إذا سمع من الكتابي قد سمى المسيح وحده عند الذبح أو سمى الله وأشرك معه المسيح، فلا تؤكل ذبيحته، لأنه مما أهل به لغير الله (٥) .


(١) انظر مغني المحتاج: ٤/ ٢٧٣
(٢) انظر مغني المحتاج: ٤/ ٢٧٣
(٣) المغني، لابن قدامة: ٨/ ٥٦٩، وقد جاء فيه ما نصه: "وقال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم، قال: لا بأس به، وإن ذبحها الكتابي وسمي الله وحده، حلت أيضا، لأن شرط الحل وجد".
(٤) المغني، لابن قدامة: ٨/ ٥٦٩، وقد جاء فيه ما نصه: "وقال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم، قال: لا بأس به، وإن ذبحها الكتابي وسمي الله وحده، حلت أيضا، لأن شرط الحل وجد".
(٥) انظر البدائع: ٥/ ٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>