بعد أن وقفنا على رأي الفقهاء، رحمهم الله تعالى، في حكم ذبيحة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، نقف على رأيهم هنا في ذبائح المشركين، ونعني بهم الكفار الذين لا يدينون بدين سماوي، وهؤلاء غالباً ما يذكرون عند ذبائحهم اسم ما يعبدونه من غير الله.
ولنبدأ الكلام ببيان حكم ذبيحة الكفار من المجوس وغيرهم بشيء من التفصيل.
ذبيحة المجوسي:
المجوس: هم الذين يعبدون النار والكواكب, وقد أجمع العلماء على تحريم صيد وذبائح المجوس إلا ما لا ذكاة فيه كالسمك والجراد, وقد حرم مالك والليث صيد المجوسي من الجراد، ورخصا في السمك.
وممن حكى إجماع العلماء على هذا ابن قدامة، حيث قال:"أجمع أهل العلم على تحريم صيد المجوسي وذبيحته إلا ما لا ذكاة له كالسمك والجراد ". (١)
وقد استند إجماع العلماء على الأدلة التالية:
أ- قوله تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] ؛ فإن مفهوم الخطاب يدل على تحريم طعام غير أهل الكتاب من الكفار، ولأنهم لا كتاب لهم، فلم تحل ذبائحهم كعبدة الأوثان والأصنام.
٢- قوله عليه الصلاة والسلام:"سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم ". وغيرها من الروايات التي تحرم ذبائح المجوس.