للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسمية:

التسمية على الذبيحة معتبرة حال الذبح أو قريبا منه، والحكمة من مشروعيتها، أن ذكر اسم الله على الذبيحة يطيبها، ويطرد الشيطان عن الذابح والذبيحة.

وقد اختلف الفقهاء في وجوبها على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول:

أنها شرط مع الذكر، وتسقط بالسهو، هذا ما نص عليه الحنفية في كتبهم، قال الكاساني في معرض ذكره لشروط الذبح: "ومنها التسمية حالة الذكر عندنا". (١) وهذه وجهة نظر المالكية أيضا، قال سيدي خليل: "وتسمية إن ذكر" , وقد عقب الخرشي على ذلك بقوله: "إن التسمية أيضا واجبة مع الذكر في الذكاة من حيث هي، فيقول: باسم الله والله أكبر، عند الذبح وعند النحر، وعند الإرسال في العقر". (٢) وهذا هو المشهور من مذهب أحمد، وهو مذهب كثير من علماء السلف- رحمهم الله تعالى- منهم ابن عباس والثوري وإسحاق وعطاء وطاوس وسعيد بن المسيب والحسن وغيرهم.

دليل هؤلاء العلماء رحمهم الله تعالى:

ا- قوله عز وجل {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١]

وجه الاستدلال بالآية من وجهين:

أحدهما: أن مطلق النهي يفيد التحريم في حق العمل.

والوجه الآخر: أن الله عز وجل اعتبر أكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسقاً، حيث قال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] ولا فسق إلا بارتكاب المحرم.

وأجابوا عما لو قيل: إن النهي ينصرف إلى الميتة وذبائح أهل الشرك كما جاء في سبب نزول الآية؛ بما يلي:

أ) إن العام لا يخص بالسبب عندنا، بل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

ب) إن حرمة الميتة وذبيحة المشرك قد ثبتت حرمتها بنصوص أخرى، منها قوله عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وقوله جل وعلا: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [المائدة: ٥] وغيرها من النصوص الأخرى، فحمل النص الذي استدللنا به على حرمة متروك التسمية عمدا يكون أولى، وفيه فائدة جديدة أيضا.


(١) البدائع: ٥/ ٤٦.
(٢) انظر الخرشي: ٣/ ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>