اختلف فقهاء الشيعة الإمامية وكذلك علماء الزيدية في اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت هلال رمضان، فظاهر كلام الحلي أن اختلاف المطالع معتبر فلا يعم ثبوت الشهر برؤية من اختلف مطلع بلد عن بلد الرؤية كما ذكره العاملي في الحبل المتين في أحكام الدين وهو مذهب الهادوية والإمام يحيى من الزيدية، بل لا يعم عنده في الإقليم الواحد والجهة الواحدة إن اختلفت ارتفاعًا وانحدارًا كما في البحر الزخار، وقال الصنعاني في سبل السلام: والأقرب لزوم بلدة الرؤية وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها واختار المهدي وجماعة من الزيدية تعميم الحكم والشهادة بالرؤية جميع البلاد وقال الشوكاني: وهو الذي ينبغي اعتماده وذهب إليه جماعة من الإمامية.
وبعد أن استمعنا إلى آراء علماء المسلمين وحججهم ومناقشاتهم لا يسعنا ترجيح القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع لا لأن هذا هو ما تصبو إليه نفوس كثير من العلماء والمصلحين حتى تتوحد كلمة الأمة الإسلامية، ولا لأن القائلين به هم الكثرة الغالبة وهم الجمهور ولكن لأن سنده من الكتاب والسنة قوي متين وشبه المخالفين مردودة، وذلك لأنها تنحصر في أربعة.
أولها: حديث كريب وقد سمعت رد الحنابلة على من استدل به فلا نعيده.
ثانيها: ما قاله السبكي من أن عمر والخلفاء الراشدين لم يكتبوا إلى الآفاق بثبوت الرؤية لأنهم حريصون على أمر الدين، والرد على السبكي أنهم لن يكتبوا لصعوبة المواصلات في زمنهم فقد لا يتيسر وصول المكتوب إلا بعد انقضاء رمضان، فلم يعم ثبوتها جميع البلاد لتعذر بلوغهم الخبر إذ ذاك، وكلامنا فيما لو أمكن تبليغ جميع البلاد ثبوت الرؤية إثر ثبوتها بحيث تصل إليهم وهم في ليلة الشهر الجديد قبل طلوع الفجر كما هو متيسر الآن بواسطة الإذاعة واللاسلكي.