للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صلى الله عليه وسلم: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس)) وأناط في الهلال برؤيته فلم يعتبر وجوده في نفس الأمر، والثاني أن مقدمات الهلال أخفى ويكثر الغلط فيها بخلاف الأوقاف، ولا محذور في أن الهلال يعلم بالحساب وجوده وإن كان رؤيته ولا يكلفنا الشرع بحكمه، ولو عمل في الأوقات كذلك كان الحكم كذلك لكنه أناط بوجودها فاتبعنا في كل باب ما قرره الشرع فيه، والمسألة محتملة يحتمل أن يقال: إذا قوي اعتقاد بعده من الشمس وإمكان رؤيته جليًا وهناك غيم يغلب على الظن أنه هو الحائل المانع من الرؤية يقوى هنا جواز الصوم والقول بعدم الجواز في مثل هذه الحالة بعيد، نعم الوجوب يبعد.

فأنا اختار في ذلك قول ابن سريج ومن وافقه في الجواز خاصة لا في الوجوب وشرط اختياري للجواز حيث ينكشف من علم الحساب انكشافًا جليًا مكانه، ولا يحصل ذلك إلا لما هو في الصنعة والعلم.

مذهب المالكية:

المشهور في المذهب أنه لا اعتبار بقول المنجم والحساب لسير الكواكب في ثبوت الهلال في حق نفسه ولا في حق غيره، ولو وقع في القلب صدقه، قال ابن عرفه: لا أعرفه (أي اعتبار قول المنجم) لمالك، وما روي عن مالك أنه يجيز العمل بقول المنجم في الصوم فهو رواية شاذة، وإن ركن إليها بعض البغداديين، بل نقل عن ابن نافع عن مالك في الإمام الذي يعتمد الحساب أنه لا يقتدى به ولا يتبع، وحكى سند شارح المدونة الإجماع على ذلك، قال السبكي في رسالته العلم المنشور: "فصل" قال عدد من المالكية: لو كان الإمام يرى الحساب في الهلال فأثبت به لم يتبع الإجماع السلف على خلافه، واعترض السروجي بأنه يمكن أن السلف لم يعلموا به واكتفوا بالرؤية ولم يجمعوا على منع العلم به، وهذا الاعتراض جيد، ومن قال من أصحابنا وغيرهم بجواز الصوم أو وجوبه على من قلد الحاسب كيف يسلم ذلك؟ اهـ كلام ابن السبكي.

وذكر القرافي أن الله لم ينصب خروج الأهلة من شعاع الشمس سببًا للصوم، بل نصب رؤية الهلال خارجًا عن شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي.

وقال القاضي عبد الوهاب في الإشراف عن مسائل الخلاف: ولا يعتبر بقول المنجمين في دخول وقت الصوم لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن صدق كاهنًا أو منجمًا فقد كفر لما أنزل على محمد)) وأقل ما في هذا التغليظ منع الرجوع إلى قولهم في الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>