للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: المريض الذي يشعر بالألم ولكن فطره لا يعجل برءه ولا يؤخره، فمن أخذ بظاهر الآية أجاز له الفطر، روي عن طريف بن تمام العطاردي أنه دخل على محمد بن سيرين وهو يأكل في رمضان فلم يسأله؛ فلما فرغ قال له: إنه وجعت أصبعي هذه. (١) وحجته أنه متى حصل الإنسان في حالي يستحق بها اسم المرض صح الفطر قياسا على المسافر لعلة السفر، وإن لم تدع إلى الفطر ضرورة (٢) .

ويكاد ابن سيرين ينفرد بهذا الرأي، والقواعد الشرعية لا تساعده، وتسويته بين السفر والمرض تسوية بين المظنة والعلة، فإن السفر مظنة المشقة، ولما كانت المشقة غير منضبطة أقام الشارع المظنة مقام العلة، أما المرض فهو نفس العلة، فما دام المرض لم يبلغ الدرجة المقتضية للتخفيف يلغى من الاعتبار، وسنزيد هذا توضيحا عند ضبط مفهوم الرخصة.

خامسا: الصحيح الذي يخشى المرض.

جاء في الفتاوى الهندية أن الصحيح الذي يخشى المرض هو كالمريض، هكذا في التبيين (٣) .

وفي البحر نقلا عن التبيين أيضا: لو برأ من المرض ولكن الضعف باقٍ وخاف أن يمرض بالصوم فهو كالمريض قال: " ومراده بالخشية غلبة الظن ". ونقل في فتح القدير أنه سأل عنه القاضي الإمام فقال: " الخوف ليس بشيء ". (٤)

المذهب المالكي في الصحيح الذي يخشى المرض:

يقول الزرقاني في شرح قول خليل: " وجاز الفطر بمرض موجود ". ثم صرح بمفهوم هذا الوصف فقال: " ومفهوم قوله (بمرض) أن خوف أصل المرض بصومه ليس حكمه كذلك، وهو كذلك على أحد قولين إذ لعله لا ينزل به، والآخر يجوز ". (٥)


(١) المقدمات: ١/ ٢٤٧
(٢) أحكام القران، للقرطبي: ٢/ ٢٧٦
(٣) الفتاوى الهندية: ١/ ٢٠٧
(٤) البحر: ٣٠٣/٢
(٥) الزرقاني: ٢/ ٢١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>