للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسا: المريض الذي يكون الصوم أعون على شفائه.

لم أجد من صرح بحكم هذا النوع، ولكن القواعد تقتضي أنه يجب

عليه الصوم ويحرم عليه الفطر، وأن مذهب ابن سيرين لا ينسحب على هذا النوع.

سابعا: المرضع التي تتناول الدواء ليصل أثره إلى رضيعها المريض.

في الظهيرية: " رضيع مبطون يخاف موته من هذا الداء، وزعم الأطباء أن الظئر إذا شربت دواء كذا برئ الصغير وتماثل، وتحتاج الظئر إلى أن تشرب ذلك نهارا في رمضان، قيل: لها ذلك إذا قال الأطباء الحذاق، وهو محمول على الطبيب المسلم دون الكافر، قياسا على من شرع في الصلاة بتيمم، فوعد له كافر إعطاء الماء فإنه لا يقطع الصلاة.

أما المرضع في ذاتها فلا يعتبر قيامها بالإرضاع مرضا مبيحا للفطر، بخلاف الحامل إذا خافت على حملها.

جاء في المدونة: " قلت: ما الفرق بين الحامل والمرضع؟ فقال: لأن الحامل هي مريضة، والمرضع ليست بمريضة ". (١)

هل تعتبر المرضع في تناولها الدواء لإبلاغ أثره إلى رضيعها مترخصة؟

إن التحقيق الذي ضبط به أبو إسحاق الشاطبي الرخصة ينفي أن تكون المرضع في هذه الحالة داخلة تحت قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى. . . .}

يقول الشاطبي: " من لا يقدر على القيام رخص له أن يصلي جالسا، فهذه رخصة محققة، فإن كان المترخص إماما فقد جاء في الحديث: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) ثم قال: ((وإن صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون)) (٢) فصلاتهم جلوسا وقعت لعذر إلا أن العذر في حقهم ليس المشقة، بل لطلب الموافقة للإمام وعدم المخالفة عليه، فلا يسمى مثل هذا رخصة ". (٣) فإقدام المرضع على تناول الدواء في نهار رمضان، ليصل عبر لبنها إلى جسم الرضيع المريض، إقدامها ليس من قبيل الرخصة، وإنما سبيله حفظ الحياة للرضيع المسؤولة عن احترامه، ويفهم هذا على أنه تعينت تلك الطريقة لإنقاذ حياة الرضيع.


(١) المدونة: ١/ ١٨٦
(٢) فتح الباري: ٢/ ٣٢١ - ٣٢٢؛ ومسلم إكمال الإكمال: ٢/ ١٦٩
(٣) الموافقات: ١/ ٣٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>